عبد الوهاب المسيري - المفكر الموسوعي والباحث الفذ

عبد الوهاب المسيري أحد أبرز المفكرين والمثقفين العرب

عبد الوهاب المسيري هو واحد من أبرز المفكرين والمثقفين العرب في القرن العشرين، اشتُهِر بأعماله النقدية والفكرية التي تناولت مختلف الجوانب الثقافية والسياسية والاجتماعية.

عبد الوهاب المسيري 

تميز الدكتور عبدالوهاب المسيري بأسلوبه الفريد في التحليل والنقد، مما جعله مرجعاً مهماً في الفكر العربي المعاصر، وما زالت كتاباته تمثل مرجعاً هاماً للباحثين والمثقفين في مختلف أنحاء العالم العربي.

حياته المبكرة وتعليمه

وُلد عبد الوهاب المسيري في عام 1938 بمحافظة البحيرة في مصر، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مصر، ثم حصل على بكالوريوس الآداب من جامعة الإسكندرية. 

انتقل بعد ذلك إلى الولايات المتحدة لمواصلة دراسته، حيث حصل على درجة الماجستير من جامعة كولومبيا والدكتوراه من جامعة روتجرز.

مسيرته الأكاديمية

بدأ المسيري مسيرته الأكاديمية كأستاذ في جامعة عين شمس، حيث درس الأدب الإنجليزي والمقارن، ولم يقتصر نشاطه الأكاديمي على التدريس فقط، بل امتد ليشمل البحث والتأليف في مختلف المجالات، فعمل أيضًا كمستشار في عدة مؤسسات ثقافية وأكاديمية.

أعمال عبدالوهاب المسيري الفكرية والنقدية

يُعَدُّ المسيري من أبرز النقاد الذين تناولوا موضوعات مثل الصهيونية، والحداثة، والعلمانية، ومن أشهر أعماله كتاب "الموسوعة الصهيونية" الذي يُعتبر من أهم المراجع في هذا المجال، كما كتب عن الحداثة وما بعد الحداثة، محاولاً تقديم فهم عميق للتحولات الثقافية والاجتماعية في العالم العربي.

أسلوب المسيري

اشتهر الدكتور المسيري بأعماله النقدية والفكرية التي تناولت مختلف الجوانب الثقافية والسياسية والاجتماعية، وتميز بأسلوبه الفريد في التحليل والنقد، مما جعله مرجعاً مهماً في الفكر العربي المعاصر.

أفضل كتب عبد الوهاب المسيري

تُعد مؤلفات عبد الوهاب المسيري كنزًا ثقافيًا وفكريًا يسهم في إثراء المكتبة العربية، ومن أفضل وأشهر كتبه ما يلي:

1. الموسوعة الصهيونية
يُعتبر هذا العمل من أهم مؤلفات عبد الوهاب المسيري وأوسعها تأثيرًا، تتناول الموسوعة بشكل نقدي وشامل الجوانب المختلفة للصهيونية، بما في ذلك تاريخها، فكرها، وممارساتها، تُعَدّ الموسوعة الصهيونية للدكتور المسيري مرجعًا لا غنى عنه لأي باحث في موضوع الصهيونية.

2. رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر
هذا الكتاب هو سيرة ذاتية فكرية للمسيري، يروي فيه تجاربه الشخصية والفكرية منذ نشأته حتى تحقيقه مكانة مرموقة في الساحة الفكرية، يكشف الكتاب عن التأثيرات الفكرية والثقافية التي ساهمت في تشكيل وعيه ونظرته النقدية.

3. العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة
يُعَدُّ هذا الكتاب من الأعمال المهمة التي تشرح مفهوم العلمانية وتأثيراتها في المجتمع العربي، يفرق المسيري في هذا الكتاب بين:

• العلمانية الجزئية: التي تقبل بوجود الدين في الحياة الشخصية.
• العلمانية الشاملة: التي تسعى لفصل الدين عن كل مظاهر الحياة.

4. الفكر الغربي: رؤية نقدية
يستعرض دكتور مسيري في هذا الكتاب تطور الفكر الغربي من العصور الوسطى حتى العصر الحديث، ويقدم من خلاله تحليلاً نقديًا للفلسفات الغربية المختلفة، ويبرز التأثيرات الثقافية والاجتماعية لهذه الفلسفات على العالم العربي.

5. الحداثة وما بعد الحداثة
يبحث الدكتور عبدالوهاب المسيري في هذا الكتاب في مفاهيم الحداثة وما بعد الحداثة، وتأثيرها على الثقافة والمجتمع، ويقدم رؤية نقدية لهذه التحولات الفكرية، موضحًا التحديات التي تفرضها على الفكر العربي.

6. قضية المرأة بين التحرر والتمركز حول الأنثى
يتناول هذا الكتاب موضوع المرأة من منظور نقدي، مشيرًا إلى الاختلافات بين الدعوات لتحرر المرأة وبين التمركز حول الأنثى، ويقدم المسيري رؤية متوازنة تحترم القيم الثقافية والدينية مع التأكيد على حقوق المرأة.

7. من هو اليهودي؟
يطرح هذا الكتاب تساؤلات حول الهوية اليهودية ويقدم تحليلًا عميقاً للموضوع من زوايا دينية وثقافية وتاريخية، حيث يسعى المسيري من خلال هذا العمل إلى تقديم فهم شامل وأعمق للهوية اليهودية بعيدًا عن الصور النمطية.

الواقع أن الدكتور عبدالوهاب المسيري قد قدم في أعماله رؤى نقدية وتحليلات عميقة تساعد في فهم العديد من القضايا المعاصرة من منظور مختلف.

"رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر" للدكتور عبد الوهاب المسيري

"رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر" هو كتاب سيرة ذاتية فكرية للدكتور عبد الوهاب المسيري، يقدم من خلاله سردًا تفصيليًا لمسيرته الفكرية والشخصية.

يعكس الدكتور المسيري من خلال كتابه الشهير عمق تجربته الشخصية وتأملاته في مختلف المراحل التي مر بها، ويحتوي الكتاب على الأقسام التالية:

1. البذور: البدايات والتأثيرات الأولى
في هذا القسم، يروي المسيري طفولته ونشأته في محافظة البحيرة بمصر، ويستعرض التأثيرات الأولى التي شكلت وعيه.

يتناول تعليمَه الأساسي في مصر وتجاربه الأولى مع القراءة والكتابة، بالإضافة إلى تأثير العائلة والمجتمع على تكوين شخصيته الفكرية.

2. الجذور: التكوين الأكاديمي والفكري
ينتقل المسيري في هذا الجزء إلى الحديث عن مرحلة تعليمه الجامعي في جامعة الإسكندرية، ثم انتقاله إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراساته العليا. 

يتناول تفاصيل حصوله على الماجستير من جامعة كولومبيا والدكتوراه من جامعة روتجرز، ويعرض التحديات التي واجهها والأفكار الجديدة التي تفاعل معها خلال هذه الفترة.

3. الثمر: الإسهامات الفكرية والعملية
في هذا القسم، يستعرض المسيري إسهاماته الأكاديمية والفكرية بعد عودته إلى مصر، ويتحدث عن مسيرته كأستاذ في جامعة عين شمس، ومشاركته في الحياة الثقافية والسياسية. 

يسلط الضوء على أعماله النقدية المهمة، مثل "الموسوعة الصهيونية" و"العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة"، وكيف أسهمت هذه الأعمال في إثراء الفكر العربي.

يتميز كتاب رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر للدكتور عبد الوهاب المسيري بما يلي:

1. العمق الفكري والنقدي
يتسم الكتاب بعمقه الفكري وتحليله النقدي للأحداث والتجارب التي مر بها المسيري، حيث يقدم رؤية شاملة لتطور أفكاره ومواقفه تجاه القضايا المختلفة، مما يجعله مرجعًا مهمًا لفهم مسيرته الفكرية.

2. الأسلوب السلس والجذاب
يتميز المسيري بأسلوبه السلس والجذاب في السرد، مما يجعل القراءة ممتعة ومفيدة في نفس الوقت، يتمكن من تقديم أفكار معقدة بطريقة مبسطة وسهلة الفهم.

3. الصراحة والشفافية
يعكس الكتاب صراحة وشفافية المسيري في الحديث عن تجاربه الشخصية والمهنية، فهو لم يتردد في الاعتراف بأخطائه وتحدياته، مما يعطي القارئ نظرة واقعية وشاملة عن مسيرته.

تأثير الكتاب وأهميته

يعد "رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر" من الكتب المهمة التي تسلط الضوء على تجربة أحد أبرز المفكرين العرب، حبث يقدم الكتاب دروسًا قيمة في المثابرة والتفاني في البحث عن الحقيقة، ويساعد القراء على فهم تأثير البيئة والتجارب الشخصية في تشكيل الفكر والمواقف.

رحلة استكشاف للعقل والقلب

"رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر" للدكتور عبد الوهاب المسيري هو أكثر من مجرد سيرة ذاتية؛ إنه رحلة استكشاف للعقل والقلب معًا.

يتيح الكتاب للقارئ فرصة التعرف على الدكتور المسيري عن قرب، وفهم السياقات التي أثرت في تكوين رؤيته الفكرية.

يعد الكتاب إضافة قيمة للمكتبة العربية ومصدر إلهام لكل من يسعى لفهم أعمق لتجارب الحياة وتأثيرها على التكوين الفكري.

حياة المسيري الاجتماعية 

قال الدكتور عبدالوهاب المسيري في أحد حواراته الصحفية، عن زوجته الراحلة الدكتورة هدى حجازي:

• "علاقتي بالدكتورة هدي حجازي كان لها أعمق الأثر في رؤيتي للحياة، فقد تعرفت عليها فور وصولها إلي قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 1958، وكان عمرها حينذاك 16عاماً، وكنت أنا في سن العشرين، ونشأت قصة حب قوية بيننا إلي درجة أنني كنت لا أطيق الابتعاد عنها لحظة، وأنني أود البقاء معها طيلة الوقت، ولأن هذا أمر مستحيل، فتوصلت تدريجيًا إلي أن الحب الرومانسي واللحظات الفردوسية التي يقضيها المحبان معًا في فترة الخطبة وشهر العسل هي لحظات مؤقتة، يجب علي المرء أن يتذكرها ويعتز بها ويستمد منها البهجة".

وأضاف المسيري عن قصة الحب بينه وبين زوجته:

• "أذكر عندما بدأت قصة الحب بيني وبين زوجتي الدكتورة هدى، كنت عضوًا في الحزب الشيوعي؛ وحيث إنني أؤمن بضرورة أن يمارس الإنسان فكره، وأنه لا يمكن أن أتزوج بدون إطار فكري، فسألت صديقي ومسؤولي في الحزب (هل أتزوج بهذه الفتاة وهي من طبقة برجوازية أم لا؟)، فأجاب بـ(لا). إذ لا يمكن لبروليتاري مثلي ربط مصيره بمصير الطبقة العاملة أن يتزوج ببرجوازية مثلها.. ولذا فمثل هذا الزواج مهدد بالفشل، بسبب اختلاف الانتماء الأيديولوجي والطبقي، ولكنني راودتني الشكوك في إجابة صديقي، فهي إجابة باردة مجردة، ومع أنني كنت لا أسأل والدتي عن شيء في حياتي فقد رغبت في معرفة رأيها في رغبتي في الاقتران بمن أحب، فسألتني سؤالاً بسيطاً ومباشرًا (هل يفرح قلبك عندما تراها؟)، وحينما سمعت منها هذا السؤال أدركت أنني نسيت أن أسأل الأسئلة الإنسانية الجوهرية، وشعرت بالقيود الأيديولوجية تتساقط وشعرت أنني استغرقت في تحليلات طبقية مهمة ودقيقة ولكن لا علاقة لها بالموقف الوجودي الإنساني الذي أنا فيه، ثم كتبت قصيدة بلورت فيها تساؤلاتي، وتوصلت إلي أن الزواج لا يمكن أن يستند إلي اتفاق طبقي وإنما إلي شيء أعمق، حيث يجب أن يكون هناك اتفاق علي المبادئ والأولويات الأساسية، ومن ساعتها تعلمت حينما أتعامل مع قضية فكرية مجردة أحاول أن أري علاقتها بالواقع، ولابد أن أظل منفتحاً علي الواقع حولي وأدرك تركيبته، وتخلصت من الرؤية المادية التي كانت مهيمنة عليّ".

أسئلة شائعة 

من هو الدكتور عبدالوهاب المسيري؟
هو أستاذ الأدب الإنجليزي والمقارن ـ جامعة عين شمس (1979 ـ 1983)، وجامعة الملك سعود (1983 ـ 1988)، وجامعة الكويت (1988 ـ 1989)، كان يعمل أستاذاً غير متفرغ بجامعة عين شمس (1988 ـ 2008). كما عمل أستاذاً زائراً بالجامعة الإسلامية العالمية (ماليزيا) في كوالا لامبور وبأكاديمية ناصر العسكرية.

ما هو فكر عبد الوهاب المسيري؟
عبد الوهاب المسيري كان مفكراً وعالماً اجتماعياً مصرياً معروفاً بكتاباته الغزيرة وأفكاره المتميزة، يتميز فكره بعمق التحليل والنقد الثقافي والفكري، وتركزت معظم أعماله على نقد الفكر الصهيوني والمشروع الاستيطاني الإسرائيلي.

فكر المسيري

نقد الصهيونية: كان المسيري ناقداً شرساً للفكر الصهيوني وللمشروع الاستيطاني الإسرائيلي، كتب موسوعة ضخمة بعنوان "الموسوعة اليهودية" والتي حلل فيها الأفكار والمفاهيم التي تقوم عليها الصهيونية وتناقضاتها.

رؤية حضارية شاملة: كان يعتقد أن الصراع مع الصهيونية ليس مجرد صراع سياسي أو عسكري، بل هو صراع حضاري وثقافي يجب أن يُدرس في هذا السياق الأوسع.

نقد الحداثة الغربية: انتقد المسيري الحداثة الغربية والنزعة المادية التي تتبناها، مشيراً إلى أنها تفتقر إلى الروحانية والقيم الأخلاقية، داعياً إلى إعادة الاعتبار للقيم الإنسانية والأخلاقية في مواجهة المادية.

العلمانية الشاملة: كان يرى أن العلمانية الشاملة التي تفصل الدين عن كل جوانب الحياة ليست مناسبة لمجتمعاتنا العربية والإسلامية، وكان يدعو إلى نموذج من العلمانية المرنة التي تتوافق مع القيم الدينية والثقافية.

الهوية والانتماء: اهتم المسيري بمفهوم الهوية والانتماء، داعياً إلى الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية في مواجهة محاولات التغريب.

التحليل النقدي للثقافة: قدم المسيري تحليلات نقدية للعديد من الظواهر الثقافية والفكرية، مثل الاستهلاك الإعلامي والتلاعب بالأفكار والمفاهيم.

عبدالوهاب المسيري ترك إرثاً فكرياً غنياً أثرى به المكتبة العربية وساهم في تشكيل الوعي الثقافي والفكري لدى العديد من الأجيال.

تأثيره وأهميته

ترك الدكتور المسيري أثراً كبيراً في الفكر العربي من خلال أعماله التي تناولت قضايا معاصرة بعمق وتحليل نقدي، فلم يكتفِ بالكتابة الأكاديمية، بل شارك في الحياة الثقافية والسياسية، مما جعل له تأثيراً واسعاً على مختلف الأصعدة.

لقد أسهمت كتابات الدكتور مسيري في تشكيل وعي نقدي تجاه القضايا المعاصرة، وساعدت في إلقاء الضوء على العديد من الجوانب الخفية في الفكر الغربي والعربي.

وفاته وإرثه

توفي عبدالوهاب المسيري في 2008، تاركاً وراءه إرثاً ضخماً من الأعمال الفكرية التي لا تزال تُدرَّس وتُناقَش حتى اليوم، ويظل إرثه الفكري مصدر إلهام للباحثين والمثقفين العرب، ومثالاً يُحتذى به في البحث والنقد.

الخاتمة

عبد الوهاب المسيري هو أحد أعمدة الفكر العربي الحديث، تميز بإسهاماته الغنية والمتنوعة في مختلف المجالات الفكرية، قدم من خلال أعماله رؤى نقدية عميقة ساعدت في تشكيل الفكر العربي المعاصر.

اقرأ أيضاً من ذاكرة الأدب - الفيلسوف زكي نجيب محمود يتحدث عن نفسه