زبيدة ثروت - قطة السينما المصرية وملكة الرومانسية

إذا تحدثنا عن الجمال الهادئ، والعينين الساحرتين، والحضور الرومانسي المميز، فلا بد أن يأتي اسم زبيدة ثروت في المقدمة، فهي واحدة من أكثر نجمات السينما المصرية تأثيرًا وجاذبية في القرن العشرين، واسم لا يزال يلمع رغم مرور سنوات على اعتزالها ورحيلها.. في هذا المقال، نستعرض السيرة الذاتية الكاملة لزبيدة ثروت، وأبرز أفلامها، وأهم محطاتها، في رحلة عبر زمن الفن الذهبي.


زبيدة ثروت
زبيدة ثروت 


من هي زبيدة ثروت؟

ولدت زبيدة أحمد ثروت في 14 يونيو 1940 بمدينة الإسكندرية، وسط أسرة عسكرية أرستقراطية، إذ كان والدها ضابطًا في الجيش، ووالدتها حفيدة السلطان حسين كامل. 

عُرفت زبيدة ثروت بجمالها الأخاذ منذ صغرها، إذ كانت تمتلك عيونًا خضراء جذابة أصبحت فيما بعد عنوانًا لها، حتى أطلق عليها النقاد والجمهور ألقابًا مثل:

🔸 قطة السينما المصرية

🔸 صاحبة العيون السحرية

🔸 ملكة الرومانسية

البدايات والنشأة

ولدت زبيدة ثروت عام 1940 في أسرة متميزة، فكان والدها ضابطًا في الجيش، بينما تنتمي والدتها إلى سلالة ملكية كونها حفيدة السلطان حسين كامل. 

نشأت زبيدة وسط خمسة إخوة، وكانت ثاني شقيقاتها التوأم "حكمت"، إلى جانب إخوتها "صلاح"، و"علاء"، و"كمال"، تميزت منذ صغرها بجمالها اللافت، 

بداية المشوار الفني

دخلت زبيدة ثروت عالم الشهرة من باب الجمال، ففازت بلقب ملكة جمال الشرق في مسابقة نظمتها مجلة الجيل، وكذلك في مسابقة أجمل عشرة وجوه للسينما التي أقامتها مجلة الكواكب، وهو ما لفت أنظار المخرجين والمنتجين إليها، هذا الفوز فتح لها أبواب الفن، فاختارها المخرج حسين حلمي المهندس لتشارك في أول أفلامها "دليلة" عام 1956، إلى جانب شادية وعبد الحليم حافظ.

انطلاقتها الفنية

الانطلاقة الحقيقية لـ زبيدة ثروت جاءت في فيلم الملاك الصغير مع يحيى شاهين ويوسف وهبي. سرعان ما توالت أعمالها السينمائية، فلفتت الأنظار بأدائها الرقيق، وملامحها المفعمة بالأنوثة والبراءة، حتى لقّبها النقاد بـ"ملكة الرومانسية"، لكن الانطلاقة الحقيقية لنجوميتها جاءت في فيلم "يوم من عمري" (1961) أمام عبد الحليم حافظ، الذي جعلها أيقونة للرومانسية في السينما العربية.

أهم أفلام زبيدة ثروت

على مدار نحو 30 عامًا، قدمت زبيدة ثروت عددًا من الأفلام المميزة التي رسّخت مكانتها كنجمة أولى في زمنها، منها إني أتهم مع صلاح ذو الفقار، من إخراج حسن الإمام، ونساء في حياتي مع رشدي أباظة وهند رستم، من إخراج فطين عبد الوهاب. كما شاركت في أفلام مثل بنت 17 مع أحمد رمزي وزوزو ماضي، وشمس لا تغيب مع كمال الشناوي، وفي بيتنا رجل مع عمر الشريف وحسين رياض، وزمان يا حب مع الموسيقار فريد الأطرش، الذي جمع بين الغناء والرومانسية في إطار درامي جميل.. ومن أبرز أعمالها:

يوم من عمري (1961)

في فيلم يوم من عمري (1961)، قدّمت زبيدة ثروت واحدًا من أشهر أدوارها على الإطلاق بدور "نادية"، الفتاة الحالمة التي تقع في حب الصحفي "صلاح" (عبد الحليم حافظ). تميزت بإطلالتها الهادئة وجمالها الآسر، خاصة عيناها اللتان اعتُبرتا من أجمل ما مرّ على الشاشة. شكّلت ثنائيتها مع عبد الحليم حالة رومانسية نادرة في السينما، رسّخت لقبها كـ"قطة السينما العربية" و"ملكة الرومانسية". ويظل هذا الفيلم من العلامات المضيئة في مشوارها الفني، والأكثر ارتباطًا بذاكرة جمهورها حتى اليوم.

في بيتنا رجل (1961) 

في فيلم في بيتنا رجل (1961)، تألقت زبيدة ثروت في دور "نوال"، الفتاة الرقيقة التي تحتضن مشاعر الحب في خضم صراع سياسي محتدم، حين يختبئ الفدائي الهارب "إبراهيم" (عمر الشريف) في منزل عائلتها. أدّت زبيدة الدور بإحساس رومانسي عميق، جمع بين الرقة والخوف، وأكدت من خلاله مكانتها كأيقونة للرومانسية في السينما المصرية. ويُعد هذا الفيلم من أبرز محطاتها الفنية وأكثرها تأثيرًا، وقد دخل قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

المذنبون (1975) 

في فيلم المذنبون (1975)، قدمت زبيدة ثروت واحدة من أكثر أدوارها نضجًا وجرأة، حيث جسّدت شخصية "منى" ببراعة لافتة، وسط حبكة درامية تكشف فساد المجتمع وتدهور القيم في مرحلة ما بعد نكسة 1967. تميز أداؤها بالهدوء الظاهري الذي يُخفي صراعات داخلية عميقة، ما أضفى على الشخصية بعدًا إنسانيًا مؤلمًا. ويُعد المذنبون من أهم أفلامها، وواحدًا من أبرز أفلام السينما المصرية في السبعينيات، إذ دخل قائمة أفضل 100 فيلم، وجسّد نقلة نوعية في مسيرة زبيدة الفنية نحو الأدوار الأكثر تعقيدًا وعمقًا.

زمان يا حب (1973) 

في فيلم زمان يا حب (1973)، تألقت زبيدة ثروت أمام الموسيقار فريد الأطرش، مجسّدة دور "عبير"، المرأة التي تعيش صراعًا بين الحب والواقع. أداؤها الرومانسي الرقيق انسجم مع طابع الفيلم الغنائي، وأضفى عليه دفئًا وحنينًا جعل من العمل تجربة فنية حالمة، جمعت بين الصوت والمشاعر والصورة.

الحب الضائع (1970) 

في الحب الضائع (1970)، قدّمت زبيدة دور "سامية" إلى جانب سعاد حسني ورشدي أباظة، في قصة درامية تسلط الضوء على تعقيدات العلاقات العاطفية والخيانة والندم. وقد أظهرت زبيدة في هذا الفيلم وجهًا أكثر حزنًا ونضجًا، وأثبتت قدرتها على التعبير عن الألم الإنساني بصمتٍ مؤثر ونظرات تختصر الحكاية.

وقد شاركت في فيلمين من قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية:

🔹 في بيتنا رجل

🔹 المذنبون

محطات أخرى في حياتها

إلى جانب نشاطها الفني، التحقت زبيدة ثروت بكلية الحقوق في جامعة الإسكندرية، ولم تتخلَّ عن طموحها الأكاديمي.. كانت محط أنظار المجلات والصحف، خصوصًا بعد فوزها بلقب أجمل مراهقة بفارق خمسة آلاف صوت عن أقرب منافساتها. 

ومن أبرز أفلامها في هذه الفترة: لا شيء يهم (1968) مع نور الشريف، زوجة غيورة جدًا مع حسن يوسف، أنا وزوجتي والسكرتيرة مع أحمد رمزي، والرجل الآخر مع صلاح ذو الفقار، إلى جانب الفيلم الشهير الحب الضائع مع سعاد حسني ورشدي أباظة.

نهاية المسيرة وقرار الاعتزال

اختتمت زبيدة ثروت مسيرتها الفنية في أواخر السبعينيات، وكان آخر أعمالها السينمائية فيلم المذنبون (1976) من إخراج سعيد مرزوق، بمشاركة نخبة من النجوم أبرزهم سهير رمزي، حسين فهمي، وصلاح ذو الفقار، كما شاركت في المسرح من خلال مسرحية عائلة سعيدة جدًا مع أمين الهنيدي والمنتصر بالله، ومسرحية 20 فرخة وديك، ثم قررت بعدها الاعتزال نهائيًا.

رحيل زبيدة ثروت

في مساء يوم 13 ديسمبر 2016، رحلت زبيدة ثروت عن عمر ناهز 76 عامًا، بعد صراع مع مرض السرطان، تاركة خلفها إرثًا فنيًا كبيرًا وذكرى لا تُنسى لدى محبي الزمن الجميل.

لماذا ما زالت زبيدة ثروت أيقونة حتى اليوم؟

لأنها قدّمت الرومانسية برقةٍ وصدق لا يُضاهى.. لأنها امتلكت جمالًا طبيعيًا غير مصطنع، ظل خالداً في الذاكرة.. لأنها مثلت جيلًا فنيًا آمن بالحس الإنساني قبل المظاهر.. لأنها كانت مثالًا للنجمة الهادئة، التي لم تدخل صراعات أو فضائح.

ختامًا؛ زبيدة ثروت ليست مجرد فنانة من الماضي، بل هي جزء أصيل من ذاكرة الفن المصري والعربي. وما زال عشاق السينما الكلاسيكية يُعيدون مشاهدة أفلامها، ويتغنون بسحرها الراقي، وملامحها الهادئة، وصوتها الرقيق.

اقرأ أيضاً: 


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال