عبد الوهاب مطاوع وبصمته في الأدب المعاصر والنقد الأدبي
عبد الوهاب مطاوع هو من الشخصيات البارزة في الثقافة والأدب العربي، وقد ترك بصمة كبيرة في الأدب المعاصر والنقد الأدبي، حيث يعد أحد أبرز الكتّاب المصريين الذين تميزوا بأسلوبهم الفريد وقدرتهم على التعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية بشكل مباشر وعميق.عبد الوهاب مطاوع |
وُلد عبد الوهاب مطاوع في 11 نوفمبر عام 1940 بمدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ، وقضى فيها مراحل تعليمه الأولي، ثم انتقل إلى القاهرة ليلتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة، حيث تخرج من قسم الصحافة عام 1961.
الصحافة
عمل مطاوع في بداياته ناقدًا رياضيًا في جريدة الأهرام ؛ حيث كتب في ستينيات القرن العشرين سلسلة من التحقيقات الرياضية في ملحق الأهرام الرياضي بعنوان «شخصية الملاعب»، وكان يوقعها بتوقيع «رياضي»، ولم يوقعها باسمه الصريح إلا متأخرًا بعدما أوشك تقريبًا على التوقف عن كتابتها.
نالت سلسلة التحقيقات تلك اهتمام القراء؛ ولعل السبب في ذلك على حد تعبير مطاوع نفسه ما كتبه في مقال بعنوان مظبوط كتير:
- «فإنني لا أجد سببًا لذلك سوى أني قد استخدمت فيها منهجًا كان جديدًا وقتها، هو محاولة التعمق في فهم شخصية اللاعب الذي أكتب عنه ودراسة ظروف حياته ونشأته لفترة طويلة قد تستغرق شهرًا كاملاً، ثم محاولة تحليل شحصيته بعد ذلك باستخدام منهج التحليل النفسي الذي أولعت به منذ شبابي؛ بسبب قراءتي المبكرة لكتب عالم النفس النمساوي سيجموند فرويد».
تدرجه في الصحافة
عمل مطاوع في جريدة الأهرام العريقة قبل تخرجه من الجامعة وبعدها مباشرةً، وتدرج في المراكز الصحفية حتى شغل منصب مدير التحرير في جريدة الأهرام المصرية ورئيس تحرير مجلة الشباب.
كما أشرف عبدالوهاب مطاوع على باب بريد الأهرام اليومي و باب بريد الجمعة الأسبوعي بجريدة الأهرام منذ عام 1982 وحتى وفاته.
صاحب القلم الرحيم
لُقب عبد الوهاب مطاوع بلقب «صاحب القلم الرحيم»، حيث كان يتصدى شخصيًا ومن خلال مكتبه وطاقمه المعاون لمساعدة الناس وحل مشاكلهم سواء كانت مادية أو اجتماعية أو صحية.
بريطانيا
سافر عبدالوهاب مطاوع إلى بريطانيا في إبريل عام 1977 م، وأقام في بيت للطلبة بقرية صغيرة بالقرب من مدينة كارديف عاصمة مقاطعة ويلز البريطانية للالتحاق بدورة دراسية عن الصحافة بمعهد طومسون البريطاني للصحافة، وسجل تلك الفترة من حياته في كتابه "يوميات طالب بعثة" الذي صدرت طبعته الأولى عام 1987، كما سافر إلى أمريكا وفنلندا والعديد من دول العالم.
قضايا الإنسان والمجتمع
عبد الوهاب مطاوع برز في الساحة الأدبية بأعماله المتنوعة التي تتميز بالعمق والتأمل، وكتاباته تتناول قضايا الإنسان والمجتمع بأسلوب مباشر، من أشهر أعماله "اعط الصباح فرصة" و"فتاة من قاع المدينة" و "رسائل محترقة" و "أرجوك لا تفهمني" .. وغيرها، التي تركز على التحليل النفسي والاجتماعي للفرد والجماعة.تأثيره في الأدب العربي المعاصر
مطاوع لم يكتف بكتابة الروايات والمقالات فقط، بل لعب دوراً بارزاً في تجديد الخطاب الأدبي والنقدي، حيث شارك في العديد من المنتديات الثقافية وأسس جمعيات ونوادي أدبية لتعزيز الحوار الثقافي في مصر والعالم العربي.أسلوب كتابته ومواضيعه
عبد الوهاب مطاوع يتميز بأسلوب كتابي متقن وغني بالتفاصيل والتأملات العميقة، يعبر في أعماله عن قضايا اجتماعية ملحة ورؤى فلسفية تتناول الحياة والوجود بطريقة تلقي الضوء على الجوانب النفسية والاجتماعية للإنسان.
بريد الجمعة
حرر مطاوع باب بريد الجمعة بجريدة الأهرام لما يقرُّب من ربع قرن من الزمان، وفي عهده انتشر بابه الأسبوعي وأصبح من أسباب زيادة التوزيع لعدد الجمعة، أهم ما كان يميز شخصيته هو جديته في العمل، وتواضعه مع من حوله والدقة في التعامل مع مشاكل وتبرعات القراء
كان عبدالوهاب مطاوع يستخدم أسلوبًا أدبيًا راقيًا في الرد على الرسائل التي يختارها للنشر من آلاف الرسائل التي تصله أسبوعيًا، فكان أسلوبه يجمع بين العقل والمنطق والحكمة، ويسوق في سبيل ذلك الأمثال والحكم والأقوال المأثورة، وكان يتميز برجاحة العقل وترجيح كفة الأبناء وإعلاء قيم الأسرة فوق كل شيء أخر.
أدب الرسائل
تصنف كتابات عبد الوهاب مطاوع خاصةً ردوده في بريد الجمعة على أنها لون من ألوان أدب الرسائل، وهو أحد ألوان الأدب العربي التي كادت تندثر لولا جهود أدباء مخلصين لهذا اللون من الأدب وعلى رأسهم عبد الوهاب مطاوع.
إنسانية مطاوع
تسلم باب بريد الجمعة الأسبوعي من الصحفي محمد زايد عام 1982، وبدأت رحلته مع الباب طوال 22 عامًا، حاز الباب على شهرة واسعة في حل المشكلات الإنسانية التي كانت تجذب القراء في عدد الجمعة. ونُشرت به بعض أغرب القصص الإنسانية والمشاكل الشخصية والأسرية التي استفاد الناس من ردود عبد الوهاب مطاوع عليها، والتي كان يطعمها باقوال الحكماء والأنبياء وكبار الكتاب والفلاسفة، وكان لا يقسو على صاحب المشكلة في الرد مهما كان حجم ما اقترفه من ذنب، بل كان يسعى دائمًا لمساعدته في حل مشكلته، وكان يستقبلهم أحيانًا في مكتبه، أو يوجههم لمن باستطاعته مساعدتهم على حل مشكلاتهم.
كما كان يحرص على أن توجه التبرعات التي تأتي إلى بريد الأهرام حسب رغبة المتبرع وتدينه
الفلسفة والنقد الأدبي
تميز مطاوع بقدرته على دمج الفلسفة في كتاباته، حيث يناقش قضايا الوجود والهوية بشكل عميق ومعقد. كما أنه كان ناقداً أدبياً بارزاً، يقدم تحليلات حادة ومعمقة للأعمال الأدبية ويساهم في إثراء النقاش الأدبي والفكري.التأثير على الثقافة العربية
بفضل أعماله المتميزة وأفكاره الثرية، ترك مطاوع بصمة قوية في المشهد الثقافي العربي المعاصر. إسهاماته لا تقتصر فقط على الأدب، بل تمتد أيضاً إلى المجالات الفلسفية والنقدية والثقافية، حيث يُعتبر من رواد التجديد الفكري والأدبي في عصره.لقد تناولت أفكاره الفلسفية العديد من القضايا الحيوية والفلسفية، مثل الوجود والزمان والمكان، وكان له تأثير كبير على التفكير الفلسفي في العالم العربي
مشاركته في الحوار الثقافي
كان مطاوع نشطًا في المنتديات الثقافية والأدبية، حيث شارك في النقاشات والمؤتمرات التي تناولت موضوعات متعددة تتعلق بالأدب والثقافة، كما أسس وشارك في تأسيس عدد من الجمعيات الثقافية التي تعزز من الحوار والتبادل الثقافي في المجتمع العربي.
مؤلفات عبد الوهاب مطاوع
عبد الوهاب مطاوع قدّم تشكيلة واسعة من الأعمال الأدبية التي تتنوع بين الرواية، القصة القصيرة، النقد الأدبي، والمقال، كان يكتب بأسلوب يجمع بين السرد الأدبي الجذاب والتحليل العميق للشؤون الإنسانية والاجتماعية.صدر لعبد الوهاب مطاوع 52 كتابًا يتضمن بعضها نماذج مختارة من قصص بريد الجمعة الإنسانية وردوده عليها، ويتضمن البعض الأخر قصصًا قصيرة وصورًا أدبية ومقالات في أدب الرحلات، وأهم أعماله هي:
أهم أعمال عبد الوهاب مطاوع
أصدقاء على الورق (قصص إنسانية) 1986.
يوميات طالب بعثة (أدب رحلات) 1987.
هتاف المعذبين (قصص إنسانية) 1988.
صديقي لا تأكل نفسك (مقالات وصور أدبية) 1990.
نهر الحياة (قصص إنسانية) 1990.
صديقي ما أعظمك (مقالات وصور أدبية) 1991.
العصافير الخرساء (قصص إنسانية) 1991.
دموع صامتة (قصص إنسانية) 1991.
العيون الحمراء (قصص إنسانية) 1992.
اندهش ياصديقي (مقالات وصور أدبية) 1992.
افتح قلبك (مقالات وصور أدبية) 1992.
أرجوك لا تفهمني (قصص إنسانية) 1993.
رسائل محترقة (قصص إنسانية) 1993.
أزواج وزوجات (قصص إنسانية) 1993.
وقت للسعادة و وقت للبكاء (مقالات وصور أدبية) 1993.
شركاء في الحياة (قصص إنسانية) 1993.
أماكن في القلب (قصص إنسانية رومانسية) 1994.
لا تنسى (قصص رومانسية) 1995.
نهر الدموع (قصص إنسانية) 1995.
أعط الصباح فرصة (مقالات وصور أدبية) 1995.
عاشوا في خيالي (مقالات وصور أدبية)
طائر الأحزان (قصص إنسانية) 1996.
وحدي مع الأخرين (مقالات وصور أدبية) 1996.
خاتم في إصبع القلب (مقالات وصور أدبية) 1996.
سائح في دنيا الله حول العالم في 30 عاما (أدب رحلات) 1996.
أيام السعادة والشقاء (قصص إنسانية) 1999.
حصاد الصبر (قصص إنسانية) 2001.
صوت من السماء (قصص إنسانية) 2001.
أرض الأحزان (قصص إنسانية) 2006.
نافذة علي الجحيم (قصص إنسانية) 2006.
بعد مغيب القمر (قصص إنسانية) 2006.
فتاة من قاع المدينة (قصص إنسانية) 2006.
الزهرة المفقودة
من المفكرة الزرقاء
الأرض المحترقة
الأبعاد الإنسانية في كتاباته
من خلال كتاباته، نجد أن مطاوع كان مهتمًا بالأبعاد الإنسانية للفرد والمجتمع، وكان يتناول قضايا مثل الهوية، والمكانة الاجتماعية، والتحولات الثقافية بطريقة تعكس تفاعله العميق مع الواقع الاجتماعي والثقافي في مصر والعالم العربي.
تأثيره على الأدب العربي المعاصر
بفضل مساهماته الفنية والفكرية الهامة، بقي اسم عبد الوهاب مطاوع عالقًا في الذاكرة الثقافية والأدبية للعالم العربي، كما سيظل تأثيره حاضرًا في كل من يدرس أدب النقد والرواية العربية المعاصرة، وتواصل أعماله إلهام الأجيال القادمة والباحثين في مختلف أنحاء العالم العربي.
إسهاماته في التحليل النقدي
كان مطاوع أيضًا من النقاد المتميزين، حيث قدم تحليلات دقيقة وعميقة للأعمال الأدبية الكلاسيكية والمعاصرة، تأثر بأفكاره وآرائه النقدية الكثير من الكتاب والأكاديميين الذين استفادوا من تحليلاته الفنية والنقدية.تنوع المواضيع في كتاباته
استعرض عبد الوهاب مطاوع في كتاباته مجموعة واسعة من المواضيع التي تتناول الحياة اليومية، والتحليل النفسي للشخصيات، والتحولات الاجتماعية.كانت كتاباته تتنوع بين القصة القصيرة التي تركز على التجربة الإنسانية الفردية، والمقالات التي تناولت قضايا اجتماعية حيوية مثل العولمة والهوية الثقافية.
المساهمة في الحوار الفكري
كانت كتابات مطاوع تحفز على النقاش الفكري والثقافي، حيث استطاع من خلال أسلوبه القوي والمعبر أن يدفع القراء إلى التفكير في مواضيع متنوعة، كما شارك في المناظرات الثقافية والنقدية التي أثرت في تشكيل وجهات النظر الأدبية والفلسفية في العالم العربي.الاستجابة للتحولات الاجتماعية والثقافية
عبد الوهاب مطاوع كان يحاول دائمًا استيعاب التحولات الاجتماعية والثقافية الجارية في مجتمعه، وكانت كتاباته تعكس هذا الاستجابة بشكل واضح، بالإضافة إلى ذلك، كان له رؤى نقدية حول التغيرات في الأدب والثقافة والسياسة، مما أضاف بعدًا إضافيًا لأعماله.تفاعله مع الأدب العالمي
لم يكن مطاوع مقيدًا بـ الأدب العربي فقط، بل كان يتفاعل أيضًا مع الأدب العالمي والفلسفة الغربية، وهذا التفاعل أثر على أسلوبه الأدبي وآفاقه الفكرية. كانت كتاباته تنعكس هذا التفاعل من خلال الإشارات والتأثيرات المتبادلة بين الثقافات المختلفة.الاستمرارية في الأدب العربي المعاصر
بفضل تنوع وعمق إسهاماته، فإن عبد الوهاب مطاوع ما زال يُعتبر من أبرز الأصوات في الأدب العربي المعاصر، ولا تزال تُدرس وتُناقش أعماله في الجامعات والمؤسسات الثقافية حول العالم، ويستمر في إلهام الأجيال الجديدة من الكتاب والمثقفين.الحياة الاجتماعية
تزوج عبد الوهاب مطاوع وانجب ابن وابنة هما (كريم وريم)، وكان صديقًا مقربًا للكاتب أحمد بهجت وأخرون مثل الدكتور محمود عمارة وسامي متولي وصلاح منتصر وعزت السعدني ونجيب المستكاوي.
إرثه الثقافي
ترك عبد الوهاب مطاوع إرثاً أدبياً وثقافياّ وإنسانياً ما زال حاضراً بقوة في الأدب العربي المعاصر، فلا يزال يتابع الكثيرون دراسة أعماله وتأمل فلسفته، وتظل أفكاره وتحليلاته تلهم الأجيال الجديدة من الكتّاب والباحثين.
الجوائز
حصل عبد الوهاب مطاوع على جائزة مؤسسة علي أمين ومصطفى أمين عام 1992 كأحسن كاتب صحفي يكتب في الجانب الإنساني.وفاة مطاوع
توفي صباح الجمعة 6 أغسطس 2004 عن عمر يناهز 63 عامًا بسبب مضاعفات فشل كلوي ومتاعب بالقلب، ودفن في مسقط رأسه بمدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ.نعاه صديقه الكاتب الكبير أحمد بهجت قائلاً: «مات وتراب الطريق على قدميه» في إشارة منه إلى كد عبد الوهاب مطاوع وتفانيه في العمل حتى أخر لحظة من عمره.
الخاتمة
عبد الوهاب مطاوع لم يكن مجرد كاتب أدبي بل كان رمزًا للفكر والثقافة العربية المعاصرة، فمن خلال أعماله الأدبية والفلسفية والنقدية، برز كصوت فكري بارز ورائد في عالم الأدب العربي، مما يجعله شخصية مثيرة للدراسة والتأمل حتى في يومنا هذا.
التسميات
مقالات أدبية