طه حسين أحد أعلام الأدب
طه حسين أو عميد الأدب العربي كما يلقي هو أحد أعلام الأدب في القرن العشرين، وأحد أبرز المثقفين الذين ساهموا في تشكيل الفكر الثقافي والأدبي والإنساني في العالم العربي.
طه حسين |
وُلد طه حسين عام 1889 في إحدى قرى محافظة المنيا في صعيد مصر، ومع فقدان بصره في سن مُبكرة، إلا أنه لم يسمح لهذه الإعاقة أن تقف في طريق تحقيق طموحاته الأكاديمية والفكرية، حيث أثرت أفكاره وأعماله في تطوير الأدب والنقد العربي، وساهمت في نشر قيم التنوير والتفكير الحر.
طه حسين - نظرة شاملة
التحق عميد الأدب العربى بكُتاب القرية، حيث تعلم القرآن الكريم وحفظه كاملاً، بفضل نبوغه وذكائه الحاد، ثم درس في الأزهر، وتخصص في الفقه والأدب العربي، ولكنه انتقد النظام التعليمي التقليدي في الأزهر بسبب اعتماده على الحفظ دون الفهم والتحليل، ثم التحق بالجامعة الأهلية حين اُفتتحت عام 1908.حصل طه حسين على الدكتوراه عام 1914، ثم سافر في بعثة إلى فرنسا ليكمل دراسته، ثم عاد إلى مصر ليعمل أستاذًا للتاريخ ثم أستاذًا للغة العربية.
عمل "حسين" عميدًا لكلية الآداب، ثم مديرًا لجامعة الإسكندرية، ثم وزيرًا للمعارف، من أشهر كتبه الأيام، وفي الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر، وقد رُشح لجائزة نوبل في الأدب إحدى وعشرين مرة.
فقدان البصر
فقد الطفل طه حسين بصره وهو في سن أربعة أعوام؛ ويرجع ذلك إلى الجهل وعدم عرضه على طبيب متخصص بدلاً من حلاق القرية الذي وصف لهُ علاجاً خاطئاً ذهب ببصره .. وكان والده حسين عليّ موظفًا صغيرًا رقيق الحال في شركة السكر.كُتاب القرية وتأثير الشيخ جاد الرب
تعلم طه حسين في كُتاب القرية تحت يد الشيخ محمد جاد الرب، الذي علمه العربية والحساب وتلاوة القرآن الكريم فحفظه في مدة قصيرة أذهلت أستاذه وأقاربه ووالده الذي كان يصحبه أحياناً لحضور حلقات الذكر، والاستماع إلى قصص عنترة بن شداد وأبو زيد الهلالي.الأزهر الشريف
دخل طه حسين جامع الأزهر للدراسة الدينية والاستزادة من العلوم العربية في عام 1902، فحصل فيه على ما تيسر من الثقافة، ونال شهادته التي تخوله التخصص في الجامعة، لكنه ضاق ذرعاً فيها، فكانت الأعوام الأربعة التي قضاها فيها، كما قال نصاً: وكأنها أربعون عاماً، وذلك بالنظر إلى رتابة الدراسة، وعقم المنهج، وعدم تطور الأساتذة والشيوخ وطرق وأساليب التدريس.الجامعة المصرية
حين فتحت الجامعة المصرية أبوابها عام 1908 كان طه حسين أول المنتسبين إليها، فدرس العلوم العصرية، والحضارة الإسلامية، والتاريخ والجغرافيا، وعدداً من اللغات الشرقية كالحبشية والعبرية والسريانية، وظل يتردد خلال تلك الحقبة على حضور دروس الأزهر والمشاركة في ندواته اللغوية والدينية والإسلامية.ودأب "حسين" على هذا العمل حتى عام 1914، وهو العام الذي نال فيها شهادة الدكتوراه وكان موضوع الأطروحة هو: «ذكرى أبي العلاء» ما أثار ضجة في الأوساط الدينية.
الاتهام بالخروج على مبادئ الدين
اتهم أحد أعضاء البرلمان المصري في ندوة أقيمت للبرلمان طه حسين بالمروق والزندقة والخروج على مبادئ الدين الحنيف، وقد صدرت أوامر من شيخ الأزهر للجنة الفاحصة بعدم منح طه حسين درجة العالمية مهما كانت الظروف.فرنسا
في عام 1914 أوفدت الجامعة المصرية طه حسين في بعثة إلى مونبلييه بفرنسا، لمتابعة التخصص والاستزادة من فروع المعرفة والعلوم العصرية، فدرس في جامعتها الفرنسية وآدابها، وعلم النفس والتاريخ الحديثأثار «حسين» في عامه الأول في فرنسا معارك وخصومات متعددة، محورها الكبير بين تدريس الأزهر وتدريس الجامعات الغربية ما حدا بالمسؤولين إلى اتخاذ قرار بحرمانه من المنحة المعطاة له لتغطية نفقات دراسته في الخارج، لكن تدخل السلطان حسين كامل حال دون تطبيق هذا القرار، فعاد إلى فرنسا من جديد لمتابعة التحصيل العلمي، ولكن في العاصمة باريس.
ولما عاد طه حسين إلى فرنسا درس في جامعتها مختلف الاتجاهات العلمية في علم الاجتماع والتاريخ اليوناني والروماني والتاريخ الحديث وأعد خلالها أطروحة الدكتوراه الثانية وعنوانها: «الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون»، وكان ذلك عام 1918 إضافة إلى إنجازه دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني، ونجاحه بدرجة الامتياز.
وفي غضون تلك الأعوام كان قد تزوج من السيدة سوزان بريسو الفرنسية السويسرية الجنسية التي ساعدته على الإطلاع أكثر فأكثر باللغة الفرنسية واللاتينية، فتمكن من الثقافة الغربية إلى حد كبير.
عظيم الأثر
كانت لزوجته السيدة سوزان بريسو عظيم الأثر في حياته، وأنجب منها اثنان من الأبناء هما: أمينة ومؤنس، وأما دورها الحيوي فقد قامت لهُ بدور القارئ، فقرأت عليهِ الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تمت كتابتها بطريقة برايل حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها أنه:- «منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم»،
مؤلفات طه حسين
كتبه الفكرية
على هامش السيرة.
الشيخان.
الفتنة الكبرى عثمان.
الفتنة الكبرى علي وبنوه.
مستقبل الثقافة في مصر.
مرآة الإسلام.
فلسفة ابن خلدون الإجتماعية.
نظام الإثينيين.
من آثار مصطفى عبد الرزاق.
حديث المساء.
غرابيل.
على هامش السيرة.
الشيخان.
الفتنة الكبرى عثمان.
الفتنة الكبرى علي وبنوه.
مستقبل الثقافة في مصر.
مرآة الإسلام.
فلسفة ابن خلدون الإجتماعية.
نظام الإثينيين.
من آثار مصطفى عبد الرزاق.
حديث المساء.
غرابيل.
كتبه النقدية
في الشعر الجاهلي.
في الأدب الجاهلي.
الحياة الأدبية في جزيرة العرب.
فصول في الأدب والنقد.
حديث الأربعاء.
حافظ وشوقي.
صوت أبي العلاء.
مع أبي العلاء في سجنه.
تجديد ذكرى أبي العلاء.
مع المتنبي.
من حديث الشعر والنثر.
من أدبنا المعاصر.
ألوان.
خصام ونقد.
من لغو الصيف.
من الشاطيء الآخر (كتابات طه حسين بالفرنسية).
أدبنا الحديث ما له وما عليه.
من الشاطيء الآخر (كتابات طه حسين بالفرنسية).
أدبنا الحديث ما له وما عليه.
صحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان.
الحياة والحركة الفكرية في بريطانيا.
الحياة والحركة الفكرية في بريطانيا.
قادة الفكر.
كتبه الإثرائية
المعذبون في الأرض.
الأيام.
أحلام شهرزاد.
أديب.
رحلة الربيع.
أيام العمر (رسائل خاصة بين طه حسين وتوفيق الحكيم).
دعاء الكروان.
شجرة البؤس.
الحب الضائع.
الوعد الحق.
في الصيف.
بين بين.
أحاديث.
جنة الحيوان.
ما وراء النهر.
مدرسة الأزواج
مرآة الضمير الحديث.
جنة الشوك.
لحظات.
نقد وإصلاح.
من بعيد.
من أدب التمثيل الغربي.
صوت باريس (قصص مترجمة).
من هناك (قصص مترجمة).
أوديب وثيسيوس: من أبطال الأساطير اليونانية.
في مرآة الصحفي.
مذكرات طه حسين.
من بعيد.
من أدب التمثيل الغربي.
صوت باريس (قصص مترجمة).
من هناك (قصص مترجمة).
أوديب وثيسيوس: من أبطال الأساطير اليونانية.
في مرآة الصحفي.
مذكرات طه حسين.
المسرح عند طه حسين
إلى جانب كتاباته الأدبية والنقدية، قدم طه حسين إسهامات هامة في مجال المسرح العربي، فكان يعتبر المسرح وسيلة فعالة لنقل الأفكار والمشاعر، وتعزيز الوعي الاجتماعي والثقافي.
آمن طه حسين بأن المسرح يمكن أن يكون أداة قوية للتوعية والتثقيف، كتب العديد من المسرحيات التي تناولت قضايا اجتماعية وسياسية، مستخدمًا الأسلوب الأدبي والدرامي لتوجيه رسائل قوية إلى الجمهور.
ساهمت أفكار طه حسين في تطوير الحركة المسرحية في مصر والعالم العربي، شجع الكتّاب والمسرحيين على الابتكار والتجديد، ودعا إلى تقديم أعمال مسرحية تعبر عن الواقع الاجتماعي والسياسي، مما أثرى الحركة المسرحية وأعطاها بعدًا جديدًا.
أسلوب كتابة طه حسين
طه حسين هو مؤسس مدرسة الأسلوب الأدبي الجديد، حيث تميز أسلوبه بالسلاسة والوضوح، مستخدماً لغة بسيطة ولكنها غنية بالصور والتشبيهات البلاغية، فلقد اعتمد على التحليل العميق والشامل، مما جعل كتاباته مرجعاً أساسياً في دراسة الأدب والنقد، جمعت كتاباته بين العمق الفكري والجمال الأدبي، مما يجعل قراءتها متعة حقيقية.
رؤى طه حسين الفلسفية
طه حسين لم يكن مجرد ناقد أدبي واجتماعي، بل كان أيضًا صاحب رؤية فلسفية عميقة، تأثر بالفلسفات الغربية، لكنه سعى إلى تطوير فلسفة خاصة به تستند إلى التراث العربي والإسلامي.
أساتذة طه حسين
كان الأستاذ الأول لطه حسين هو الشيخ محمد جاد الرب، ذلك الرجل الذي علمه مبادئ القراءة والكتابة والحساب، وتلاوة القرآن الكريم في الكتاب الذي كان يديره بمغاغة في عزبة الكليو بمحافظة المنيا.وتلقى العلم في الجامع الأزهر على يد عدد من الأساتذة والمشايخ وكان من أبرزهم: سيد المرصفي، والشيخ مصطفى المراغي، والشيخ محمد بخيت، والشيخ عطا، والشيخ محمد عبده، وقد أعجب بادئ الأمر كثيراً بآراء الأخير واتخذه مثالاً في الثورة على القديم والتحرر من التقاليد.
وتتلمذ طه في الجامعة المصرية على يد كل من أحمد زكي في دروس الحضارة الإسلامية، أحمد كمال باشا في الحضارة المصرية القديمة، والمستشرق جويدي في التاريخ والجغرافيا.
أما في الفلك فتتلمذ على كارلو ألفونسو نللينو، وفي اللغات السامية القديمة على المستشرق ليتمان، وفي الفلسفة الإسلامية على دافيد سانتلانا، وفي تاريخ الحضارة الشرقية القديمة على ميلوني، والفلسفة على ماسينيون، والأدب الفرنسي على كليمانت.
أما في جامعة باريس فدرس التاريخ اليوناني على يد غلوتسس، والتاريخ الروماني على يد بلوك، والتاريخ الحديث على يد سيغنوبوس، وعلم الاجتماع على إميل دوركايم، وقد أشرف هذا ومعه بوغليه على أطروحته عن فلسفة ابن خلدون الاجتماعية بمشاركة من بلوك كازانوفا.
عودة طه حسين و مشواره الاكاديمي
عاد طه حسين إلى مصر عام 1919، وتم تعيينه أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني في الجامعة المصرية، وكانت جامعة أهلية، فلما أُلحقت بالدولة عام 1925 عينته وزارة المعارف أستاذاً فيها للأدب العربي، فعميداً لكلية الآداب في الجامعة نفسها، وذلك عام 1928، لكنه لم يلبث في العمادة سوى يوم واحد؛ إذ قدّم استقالته من هذا المنصب تحت تأثير الضغط المعنوي والأدبي الذي مارسه عليه الوفديون، خصوم الأحرار الدستوريين الذي كان منهم طه حسين.وفي عام 1930 أُعيد طه حسين إلى عمادة الآداب، لكن وبسبب منح الجامعة الدكتوراه الفخرية لعدد من الشخصيات السياسية المرموقة مثل عبد العزيز فهمي، وتوفيق رفعت، وعلي ماهر باشا رفض طه حسين هذا العمل، فأصدر وزير المعارف مرسومًا يقضي بنقله إلى وزارة المعارف، لكن رفض العميد تسلم منصبه الجديد فاضطر الحكومة إلى إحالته إلى التقاعد عام 1932.
على أثر تحويل طه حسين إلى التقاعد انصرف إلى العمل الصحفي فأشرف على تحرير «كوكب الشرق» التي كان يصدرها حافظ عوض، وما لبث أن استقال من عمله بسبب خلاف بينه وبين صاحب الصحيفة، فاشترى امتياز «جريدة الوادي» وراح يشرف على تحريرها، لكن هذا العمل لم يعجبه فترك العمل الصحفي إلى حين، كان هذا عام 1934.
وفي العام نفسه أي عام 1934 أُعيد طه حسين إلى الجامعة المصرية بصفة أستاذ للأدب، ثم بصفة عميد لكلية الآداب ابتداءً من عام 1936، وبسبب خلافه مع حكومة محمد محمود استقال من العمادة لينصرف إلى التدريس في الكلية نفسها حتى عام 1942، حيث تم تعيينه مديراً لجامعة الإسكندرية، إضافة إلى عمله الآخر كمستشار فني لوزارة المعارف، ومراقب للثقافة في الوزارة عينها، وفي عام 1944 ترك الجامعة بعد أن أُحيل إلى التقاعد.
طه حسين وزير المعارف
في عام 1950، وكان الحكم بيد حزب الوفد صدر مرسوم تعيينه وزيراً للمعارف، واستمر في هذا المنصب حتى عام 1952، تاريخ إقامة الحكومة الوفدية، بعد أن منح لقب الباشوية عام 1951، وبعد أن وجه كل عنايته لجامعة الإسكندرية، وعمل رئيساً لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعضواً في العديد من المجامع الدولية، وعضواً في المجلس العالي للفنون والآداب.وفي عام 1959 عاد طه حسين إلى الجامعة بصفة أستاذ غير متفرغ، كما عاد إلى الصحافة فتسلم رئاسة تحرير جريدة الجمهورية إلى حين.
مجانية التعليم
ينسب لـ طه حسين الفضل في مجانية التعليم حتى المرحلة الثانوية حين شغل منصب وزير المعارف في وقت كان التعليم فيه حِكرًا على أبناء الأعيان محرومًا منه فئات عريضة من الحق في التعليم و مع ذلك ظل التعليم الجامعي بمقابل إلى أن قامت ثورة الضباط الأحرار فأقرت التعليم المجاني لجميع المستويات.كالماء والهواء
اعتبر طه حسين التعليم حق للجميع كالماء والهواء، وكانت له سياسة فعالة لبناء منظومة تعليمية قوية تنافس منظومات التعليم الأوروبية، كما أقر للتلاميذ «تغذية» كاملة ومكنهم من الكتب والمعدات الدراسية، ودافع بجرأة كبيرة عن استقلالية الجامعة وعندما كان عميدا رفض تسليم دكتوراة فخرية لبعض الشخصيات مما كلفه منصبه.
تطوير المناهج التعليمية
عمل طه حسين على تحديث المناهج التعليمية لتتواكب مع التطورات العالمية، حيث أدخل الفلسفة والفكر النقدي إلى المناهج، مما ساهم في تنشئة جيل من المفكرين الذين يستطيعون التفكير بشكل مستقل ونقدي، كما شجع على دراسة الأدب العالمي، مما أتاح للطلاب المصريين فرصة التعرف على ثقافات وأفكار جديدة.
التعليم كوسيلة للتغيير الاجتماعي
آمن طه حسين بأن التعليم هو المفتاح الأساسي لتغيير المجتمع، دعا إلى إصلاح النظام التعليمي وجعله أكثر شمولية وتحديثًا، مقدمًا رؤية تقوم على التوازن بين التعليم النظري والعملي، وبين التراث والحداثة، كما سعى إلى أن يكون التعليم أداة لتحرير العقول وتنمية التفكير النقدي، بعيدًا عن التلقين والتقليد.
طه حسين في الساحة الأدبية العالمية
طه حسين لم يكن فقط شخصية مؤثرة في العالم العربي، بل تجاوز تأثيره الحدود الجغرافية ليصل إلى الساحة الأدبية العالمية، تُرجمت العديد من أعماله إلى لغات أجنبية، مما أتاح لجمهور واسع التعرف على رؤاه وأفكاره.
التواصل مع الأدب العالمي
خلال دراسته في فرنسا، تعرف طه حسين على الأدب والفكر الغربي، مما أثرى رؤيته الأدبية والفكرية، تأثر بأعمال كبار الكتاب والفلاسفة الغربيين، مثل فيكتور هوغو وجان جاك روسو، مما انعكس في كتاباته التي جمعت بين الأصالة والمعاصرة.
مناصرته لحقوق المرأة
كان طه حسين من أوائل المدافعين عن حقوق المرأة في العالم العربي، حيث دعا إلى تمكين المرأة من التعليم والمشاركة في الحياة العامة، مؤمناً بأن تقدم المجتمع لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة فعالة للنساء، كتب العديد من المقالات والدراسات التي تناولت قضايا المرأة، وقدم نماذج مضيئة لأدباء ونساء لعبن دوراً هاماً في المجتمع.مناهضة الاستعمار
عارض طه حسين الاستعمار بكل أشكاله، ودعا إلى الاستقلال والتحرر الوطني، فكان يؤمن بأن الاستقلال الحقيقي لا يتحقق إلا بتحقيق الاستقلال الفكري والثقافي، فدعا إلى الوحدة العربية والتعاون بين الدول العربية لمواجهة التحديات المشتركة، وكانت رؤيته تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية.نهضة أدبية
دعا طه حسين إلى نهضة أدبية، وعمل على الكتابة بأسلوب سهل واضح مع المحافظة على مفردات اللغة وقواعدها، ولقد أثارت آراؤه الكثيرين كما وجهت له العديد من الاتهامات، ولم يبالي طه بهذه الثورة ولا بهذه المعارضات القوية التي تعرض لها ولكن استمر في دعوته للتجديد والتحديث، فقام بتقديم العديد من الآراء التي تميزت بالجرأة الشديدة والصراحة فقد أخذ على المحيطين به ومن الأسلاف من المفكرين والأدباء طرقهم التقليدية في تدريس الأدب العربي، وضعف مستوى التدريس في المدارس الحكومية، ومدرسة القضاء وغيرها.كما دعا إلى أهمية توضيح النصوص العربية الأدبية للطلاب، هذا بالإضافة لأهمية إعداد المعلمين الذين يقومون بتدريس اللغة العربية، والأدب ليكونوا على قدر كبير من التمكن والثقافة بالإضافة لاتباع المنهج التجديدي، وعدم التمسك بالشكل التقليدي في التدريس.
الصراع مع المؤسسات الدينية
واجه طه حسين العديد من الصعوبات نتيجة آرائه الجريئة وانتقاداته للتراث الديني والتقليدي، تعرض لهجوم شديد من بعض المؤسسات الدينية التي رأت في أفكاره تهديداً للمعتقدات التقليدية. بالرغم من ذلك استمر في الدفاع عن حرية الفكر والتعبير، مؤكداً أن النقد هو السبيل الوحيد لتحقيق التقدم.
النقد المجتمعي
لم يكن طه حسين بمعزل عن النقد المجتمعي، فقد تعرض للهجوم من بعض الفئات التي رأت في أفكاره تهديداً للنظام الاجتماعي القائم، كتب العديد من المقالات التي دافع فيها عن أفكاره، مؤمناً بأن التغيير لا بد أن يواجه المقاومة، وأن الأفكار الجديدة تحتاج إلى الوقت لتجد قبولاً في المجتمع.
نقد المجتمع المصري
في العديد من مقالاته وكتبه، انتقد طه حسين الأوضاع الاجتماعية في مصر، مسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه الطبقات الفقيرة والمهمشة، كما دعا إلى تحسين ظروف المعيشة والتعليم والصحة، مؤكدًا أن المجتمع لن يتقدم إلا بتحقيق العدالة الاجتماعية.
الدعوة إلى حوار الثقافات
دعا طه حسين إلى حوار بين الثقافات، مؤمنًا بأن التفاعل مع الثقافات الأخرى يسهم في إثراء الفكر وتطوير الأدب، شجع على قراءة الأدب العالمي والتفاعل معه، مشيرًا إلى أن الانفتاح على الآخر يمكن أن يحقق توازنًا بين الحفاظ على الهوية الوطنية والاستفادة من منجزات الحضارة الإنسانية.
التأثير على السياسات الثقافية
إسهامات طه حسين لم تقتصر على الأدب والفكر، بل امتدت إلى السياسات الثقافية في مصر والعالم العربي، رؤيته للتعليم والثقافة أثرت في صياغة السياسات الثقافية والتعليمية، وأسهمت في تعزيز التوجه نحو التجديد والإصلاح.
أزمة الشعر الجاهلي
من المعارضات الشائكة والشرسة التي واجهها طه حسين في حياته تلك التي كانت عندما قام بنشر كتابه «الشعر الجاهلي» فقد أثار هذا الكتاب ضجة كبيرة، والكثير من الآراء المعارضة، وهو الأمر الذي توقعه طه حسين، وكان يعلم جيداً ما سوف يحدثه فما قاله في بداية كتابه:- هذا نحو من البحث عن تاريخ الشعر العربي جديد لم يألفه الناس عندنا من قبل، وأكاد أثق بأن فريقاً منهم سيلقونه ساخطين عليه، وبأن فريقاً آخر سيزورون عنه أزورارا، ولكني على سخط أولئك وأزورار هؤلاء أريد أن أذيع هذا البحث أو بعبارة أصح أريد أن أقيده فقد أذعته قبل اليوم حين تحدثت به إلى طلابي في الجامعة.
- وليس سرا ما تتحدث به إلى أكثر من مائتين، ولقد اقتنعت بنتائج هذا البحث اقتناعاً ما أعرف أني شعرت بمثله في تلك المواقف المختلفة التي وقفتها من تاريخ الأدب العربي، وهذا الاقتناع القوي هو الذي يحملني على تقييد هذا البحث ونشره في هذه الفصول غير حافل بسخط الساخط ولا مكترث بازورار المزور.
- وأنا مطمئن إلى أن هذا البحث وإن أسخط قوماً وشق على آخرين فسيرضي هذه الطائفة القليلة من المستنيرين الذين هم في حقيقة الأمر عدة المستقبل وقوام النهضة الحديثة، وزخر الأدب الجديد.
انتقادات
أُخذ على طه حسين دعوته إلى الأَوْرَبة، كما أخذ عليه قوله بانعدام وجود دليل على وجود النبيين إبراهيم وإسماعيل فضلاً عن زيارتهما الحجاز ورفعهم الكعبة سالكًا بذلك المنهج الديكارتي في التشكيك، ويقول في هذا الصدد.- للتوراة أن تُحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل وللقرآن أن يُحدثنا عنهما ولكن هذا لا يكفي لصحة وجودهما التاريخي.
الرافعي يرد
قام مصطفى صادق الرافعي بتأليف كتاب سماه "تحت راية القرآن" للرد على كتاب "في الشعر الجاهلي" وألّف كذلك "بين القديم والجديد" للرد على كتاب ألفه طه حسين وهو "مستقبل الثقافة في مصر"، كما صنّف إبراهيم عوض مؤلفًا جمع فيه أقوال النقاد والمؤرخين سماه «معركة الشعر الجاهلي بين الرافعي وطه حسين».مشاعر طه حسين بعد الحج
عام 1955 ذهب طه حسين لأداء فريضة الحج، واستغرقت رحلته تسعة عشر يوماً، وكان لهذه الرحلة صدى واسع في كل مكان، حيث كان استقباله هناك استقبالاً مهيباً، وعرساً لا مثيل له.فكان في استقباله الملك سعود، والأمراء والأعيان والوجهاء والأدباء والإعلاميون، واحتفت به المؤسسات الثقافية والهيئات العلمية كافة.
كما استقبلته بعثة الأزهر الشريف، وكان من بينها الشيخ محمد متولي الشعراوي، إذ كان يعمل أستاذاً في كلية الشريعة، الذي لم يقف من طه حسين موقفاً سلبياً، مجاراةً لزملائه الأزهريين المعروفة خصومتهم آنذاك لطه حسين، بل على العكس، رحب به ترحيباً كبيراً، وحيَّاه.
وأعرب طه حسين عن سعادته بهذه الرحلة الإيمانية إلى الحجاز، فقال عنها:
- لقد تركتْ زيارتي للحجاز آثاراً قوية رائعة في نفسي، لا يمكن أن تصور في حديث أو أحاديث. وحسبك أنها الموطن الذي أشرق منه نور الإسلام، ونشأت فيه الحضارة العربية الإسلامية. وما أعرف قُطراً من أقطار الأرض أثَّرَ في عقول الناس وقلوبهم وأذواقهم كما أثَّرتْ هذه البلاد، وكما أثّرَ الحجاز فيها بنوع خاص.
وعن مشاعره نحو مكة والمدينة قال طه حسين:
- هما المدينتان المقدستان اللتان تهوي إليهما أفئدة المسلمين، من زارهما منهم ومن لمْ يزرهما، ولم أكن إلاَّ واحداً من هؤلاء المسلمين الذين يزورون مكة والمدينة منذ شَرَعَ الله الدين الحنيف للناس.
- ما كان لي أن أتكلم في مدينة النبيّ ﷺ وما كان لي أن أرفع صوتي وقد قال الله تعالى: «لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيّ.
أقوال (اقتباسات) طه حسين
- أكبر الظن أن شقاء الأشقياء، هو الذي أذكى سعادة السعداء.
- الأبوة والأمومة لا تعصم الأب والأم من الكذب والعبث والخداع.
- أحسن المعرفة معرفتك لنفسك، وأحسن الأدب وقوفك عند حدك.
- بورك من جمع بين همة الشباب وحكمة الشيوخ.
- المال يأتي في الصباح ويذهب في الليل.
- نفوس البشر كالمعادن، منها ما يعلوه الصدأ ومنها ما لا يجد الصدأ إليه سبيلاً.
- إن من النفاق ما هو أصعب احتمالاً على أصحابه من الصراحة.
- التاريخ سخيف لا خير فيه إن كان يعيد نفسه، لأن ذلك يدل على أنه لم يستطع للناس وعظاً ولا إصلاحاً.
- الجمال لا يستقيم إلا إذا جاوره القبح، والنعيم لا يكمل إلا إذا جاوره الجحيم.
- السعادة هي ذلك الإحساس الغريب الذي يراودنا حينما تشغلنا ظروف الحياة عن أن نكون أشقياء.
- الندم وحده هو الذي يطهر القلوب ويهيئ النفوس للتوبة النصوح.
- القوانين حين تشتد في مصادرة حرية الرأي لا تحمي الفضيلة، وإنما تحمي الرذيلة وتخلي بينها وبين النفوس.
- المرأة لا تغلب إلا إذا أحبت، ولا تقهر إلا إذا أرادت، ولا تذعن إلا إذا رغبت في الإذعان.
- وما أعرف شيئاً يدفع النفس ولا سيما النفوس الناشئة إلى الحرية والإسراف فيها احياناً كالأدب.
- قد يكون المرء غبياً في طبعه، لكن الغباء غباء القلب.
- محبة المعرفة لا تفترق عن الإيمان.
- إن الجامعة تتألف من طالب حر وأستاذ حر.
- إن في حياتنا أشياء إن رضيها ضمير الوزراء وأعوان الوزراء فلا ينبغي أن ترضاها ضمائر الشعوب.
- مصر خليقة أن يُحسب لها حساب حين ترضى، وأن يُحسب لها حساب حين تغضب، وأن يُحسب لها حساب حين تريد.
- «الناس على دين ملوكهم» كان ذلك يقال قبل أن تتحرر الشعوب، أما الآن فأحرى أن يقال إن الملوك على دين شعوبهم.
- إن الحب لا يسأم ولا يمل ولا يعرف الفتور، ولا بد أن تلحّ في حبك حتى تظفر بمن تحب أو تفنى دونه.
- مهما يبلغ الفقر بالناس، ومهما يثقل عليهم البؤس، ومهما يسيء إليهم الضيق، فإن في فطرتهم شيئاً من كرامة تحملهم على أن يجدوا حين يأكلون مما كسبت أيديهم لذة لا يجدونها حين يأكلون مما يساق إليهم دون أن يكسبوه أو يحتالوا فيه.
- إياك والرضى عن نفسك فإنه يضطرك إلى الخمول، وإياك والعجب فإنه يورطك في الحمق، وإياك والغرور فإنه يظهر للناس نقائصك كلها ولا يخفيها.
- متى يستكشف العلم هذه الجراثيم المعنوية التي تفسد الود، وتفتك بالحب، وتقطع أمتن ما يكون بين الناس من صلات!
- نحن نستأذن السادة في أن نرغب في ألا تكون حياتنا كلها خلا، وإنما نريد ألا تخلو من الفكاهة واللذة.
- إذا أسرف الشيء في الوجود فهو غير موجود، سواء رضيت الفلسفة عن هذا الكلام أم لم ترض.
- إن الصنيعة لا تزال محتفظة بقيمتها ما دام شكرها يسيراً، فإذا جلت عن الشكر جوزيت بالكفر والجحود.
- الفضيلة بالعقل والأدب لا بالأصل والحسب.
- المال يأتي في الصباح ويذهب في الليل.
- الحاجة أقوى من الحيطة.
- الذين لا يعملون يؤذي نفوسهم أن يعمل الناس.
- إنَّ الشعراء ليسوا من الأدباء.
- إن من الكرامة ما يستجيب للمال كما يستجيب الحديد لدعاء المغناطيس.
- كان يعتمد على نفسه ما واتته قوة الشباب فلما أدركته الشيخوخة اتخذ من التملق عصاً يدب عليها.
- كان يكره أن يضحك إخوته، أو تبكي أمه، أو يعلمه أبوه في هدوء حزين.
- أكثر الناس تزدهيهم الأماني، ويعبث بعقولهم الإغراء، فإذا هم من صرعى الغرور.
- السعادة هي ذلك الإحساس الغريب الذي يراودنا حينما تشغلنا ظروف الحياة عن أن نكون أشقياء.
- طوبى لمن جمع بين همة الشباب وحكمة الشيوخ.
- الآمال لا تصدق أصحابها دائماً، وإنما تكذبهم في كثير من الأحيان.
- إنما هو الهيام في الأرض والسكر بهذا الشراب الخطر الذي نسميه حب الحرية والذي يكلفنا.
- وما أعرف شيئاً يدفع النفس ولا سيما النفوس الناشئة إلى الحرية والإسراف فيها أحيانا كالأدب.
قالوا عن طه حسين
قال عنه عبَّاس محمود العقاد:
- «رجل جريء العقل مفطور على المناجزة، والتحدي، استطاع بذلك نقل الحراك الثقافي بين القديم والحديث من دائرته الضيقة التي كان عليها إلى مستوى أوسع وأرحب بكثير».
وقال عنه الدكتور إبراهيم مدكور:
- «اعتز تجربة الرأي وتحكيم العقل، استنكر التسليم المطلق ودعا إلى البحث والتحري بل إلى الشك والمعارضة وأدخل المنهج النقدي في ميادين لم يكن مسلَّمًا من قبل أن يطبق فيها وأدخل في الكتابة والتعبير لونًا عذبًا من الأداء الفني حاكاه فيه كثير من الكُتَّاب وأضحى عميدَ الأدب العربي بغير منازع في العالم العربي جميعه».
وقال عنه محمد حسنين هيكل:
- «إن الجو فى مكتبة الدكتور طه حسين غريب مثير.. إن المكتبة أشبه ما تكون بصومعة.. صومعة عقل!
تأثير طه حسين على الأدب العربي
من أبرز إسهامات طه حسين في الأدب العربي هو دعوته إلى إعادة النظر في التراث الأدبي العربي، ظهر ذلك بوضوح في كتابه "في الشعر الجاهلي"، قام بنقد منهجي للأدب الجاهلي، مشككاً في صحة بعض النصوص ومستنداً إلى مناهج البحث العلمي الحديثة، هذا النقد فتح الباب أمام جيل جديد من الباحثين للنظر إلى التراث بعين نقدية، بعيداً عن التقديس الأعمى.
طه حسين والدفاع عن الحرية الفكرية
طه حسين، المعروف بلقب "عميد الأدب العربي"، لم يكن مجرد كاتب وأديب بل كان مفكراً نقدياً أحدث ثورة في الفكر العربي بفضل رؤاه العميقة ونقده الجريء، لقد أثرى المكتبة العربية بأعماله التي تناولت مختلف القضايا الأدبية والفكرية والاجتماعية، مستعيناً بأسلوبه الأدبي الراقي ولغته البليغة.
كان طه حسين مدافعاً شرساً عن حرية الفكر والتعبير، مؤمناً بأن تطور المجتمع لا يمكن أن يحدث دون حرية نقدية حقيقية، تعرض بسبب ذلك لهجوم شديد من بعض الأوساط الدينية والمحافظة، لكنه ظل ثابتاً على مبادئه وأفكاره.
جوائز وتكريمات
حاز طه حسين على مناصب وجوائز كثيرة، منها:- مثل مصر في مؤتمر الحضارة المسيحية الإسلامية في مدينة فلورنسا بإيطاليا عام 1960.
- اُنتخب عضوًا في المجلس الهندي المصري الثقافي، والإشراف على معهد الدراسات العربية العليا.
- اختياره عضوًا محكمًا في الهيئة الأدبية الطليانية والسويسرية؛ وهي هيئة عالمية على غرار الهيئة السويدية التي تمنح جائزة بوزان.
- رشحته الحكومة المصرية لنيل جائزة نوبل.
- في عام 1964 منحته جامعة الجزائر الدكتوراه الفخرية، ومثلها فعلت جامعة بالرمو بصقلية الإيطالية
- حصل طه حسين على قلادة النيل، إضافة إلى رئاسة مجمع اللغة العربية.
- في عام 1968 منحته جامعة مدريد شهادة الدكتوراه الفخرية.
- في عام 1971 رأس مجلس اتحاد المجامع اللغوية في العالم العربي.
- في عام 1971 رُشح من جديد لنيل جائزة نوبل.
- قامت منظمة اليونسكو الدولية في اورغواي حفلاً تكريمياً أدبياً قل نظيره.
- شغل طه حسين أيضا منصب وزير التربية والتعليم في مصر.
وفاته
توفي طه حسين يوم الأحد 28 أكتوبر 1973م عن عمر ناهز 84 عاما.قالوا في رثاءه
قال الفيلسوف زكي نجيب محمود:
- «سيقول التاريخ الأدبى عن السنين الخمسين التى توسّطت هذا القرن العشرين: لقد كانت عصر طه حسين، فما أزن كاتباً خلال هذه السنوات الخمسين -من العقد الثانى إلى العقد السابع- قد كتب شيئاً دون أن يهمس له فى صدره صوت يقول: ماذا عسى أن يكون وقع هذا عند طه حسين إذا قرأه؟ أترى هل يصادف عنده السخط أم الرضا؟ وهكذا كان المعيار المستكن فى صدور الكاتبين، كأن لهم فى حياتهم الأدبية ضميراً يوجّه ويشير».
قالت الدكتورة عائشة عبد الرحمن:
- «نشيعه فى خشوع: فقيد أمة وعميد أدبها، وعلماً شامخاً من أساتذة الجيل، وبقية غالية من رواد اليقظة الذين سهروا العمر الطويل ليضيئوا لنا المنارات على درب الوجود والمعرفة.. ويتركنا من بعده، حزانى مضاعفى اليتم، وكأننا نعود فنشيع معه مَن رحلوا عنا قبله من أساتذة كبار، كانوا لنا آباء أصدقاء، وقادة معلمين، أعطوا وجودنا كله قيمة ومعنى، ورأوا فينا، نحن تلاميذهم، امتداد حياتهم وحصاد عمرهم وغاية وجودهم، فكانت رسالتهم أن يعيشوا لنا، ويجاهدوا لكى يعطونا من أنفسهم زاد عقولنا وشخصياتنا، وأقصى أمانيهم أن يقدموا منا إلى الأمة من يتلقى عنهم الأمانة الصعبة، ويقوى على حملها من بعدهم حتى يؤديها إلى جيل خالف».
وقال الكاتب الكبير علي عبدالرازق:
- «مع هذه اللحظات التى تعيشها مصر وهى تودع ابناً من أبرِّ أبنائها، وعلماً من أعلام نهضتها، أستاذ الجيل طه حسين. أرى من حق ذكراه الكريمة علىّ وعلى وزارة التربية والتعليم، كلمة وفاء وعرفان لروحه الطاهرة، ولقلبه الكبير، ولهذه الآفاق المتعددة الرحيبة التى ارتادها، ولهذه المآثر العظيمة التى قدمها لوطنه ولأمته والدنيا كلها».
إرث طه حسين
إرث طه حسين الأدبي والفكري لا يزال حياً حتى اليوم، كتبه ومقالاته تُدرس في الجامعات والمدارس، وتُعتبر مرجعاً أساسياً لكل من يريد فهم الأدب العربي وتاريخه، إسهاماته في مجال التعليم والثقافة أثرت في أجيال من المثقفين والمفكرين، ولا يزال تأثيره ملموساً في السياسات التعليمية والثقافية في العالم العربي.
عميد الأدب العربي برؤاه النقدية وأفكاره التنويرية، يُعد رمزاً للتجديد والإصلاح في الأدب والفكر العربي، لم تكن رحلته سهلة، بل كانت مليئة بالتحديات والصعوبات، ولكنه بفضل إصراره وعزيمته، استطاع أن يترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الأدب العربي، إن إرثه الفكري والأدبي سيظل خالداً، ملهمًا للأجيال القادمة في السعي نحو الحرية الفكرية والتقدم الثقافي.
أسئلة شائعة
ماهي أشهر كتب طه حسين؟
أشهر أعمال طه حسين هو "الأيام" الذي يروي فيه تفاصيل حياته منذ الطفولة حتى التحاقه بالجامعة، ويعد الكتاب هو السيرة الذاتية والوثيقة التاريخية والأدبية الهامة التي تعكس واقع المجتمع المصري في تلك الفترة.
ومن أشهر أعماله أيضاً كتاب "في الشعر الجاهلي" الذي أثار ضجة كبيرة عند صدوره عام 1926، حيث قدم فيه طه حسين نقداً جديداً للتراث الأدبي العربي، مشككاً في صحة بعض النصوص الجاهلية ومدى تأثيرها على الأدب العربي.
وأيضاً يعد كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" الذي نُشر عام 1938، طرح طه حسين رؤيته لتطوير الثقافة والتعليم في مصر، داعياً إلى تبني النماذج الغربية في التعليم والتفكير النقدي.
ما سبب فقدان طه حسين لبصره؟
أصيب طه حسين بمرض الرمد عندما كان في الثانية من عمره، ونتيجة للعلاج الخاطئ من قبل "حلاق القرية"، فقد بصره وهو في سن الثالثة وأصبح كفيفاً.
لماذا تحدث طه حسين عن نفسه بضمير الغائب؟
اختار طه حسين في سيرته الذاتية "الأيام" ضمير الغائب وسيلة للافضاء بما في نفسه، وقد يبدو غريبا الا تعتمد سيرة ذاتية على ضمير المتكلّم، فهو مناسب لها، ولائق بها، ولكن استخدام ضمير الغائب في الحديث عن الأنا له دلالة المباعدة، والمواربة، فقد وضع طه حسين بينه وبين العالم الذي تحدّث عنه مسافة، فصلهما عن بعض ضمير الغائب.
لماذا كتب طه حسين قصه الايام؟
إنّ السبب الرئيسي الذي دفع طه حسين لكتابة "الأيام"، هو تلك الضجة والثورة الكبيرة التي أحاطت بكتابه "في الشعر الجاهلي" الذي صدر عام 1926م، فقد أثار هذا الكتاب خلافات بين أوساط معينة في المجتمع المصري وبين طه حسين، ممّا تسبّب في تولد مشاعر الظلم لديه، والتي ذكّرته بالمعاناة التي لاقاها في طفولته وشبابه.
الخاتمة
طه حسين هو نموذج للإبداع الفكري والتجديد الأدبي، استطاع برؤيته الثاقبة ونقده الجريء أن يفتح آفاقًا جديدة في الفكر والأدب العربي، فإسهاماته في التعليم والثقافة كانت حجر الزاوية في تطوير المجتمع المصري والعربي، وسيظل إرثه الفكري والأدبي نبراسًا يهتدي به الأجيال القادمة في سعيها نحو التقدم والتنوير.
التسميات
الأدب