جورج برنارد شو (1856-1950) هو واحد من أعظم الكتّاب المسرحيين في العالم وأحد أبرز الأدباء الذين ساهموا في تشكيل المسرح الحديث.
جورج برنارد شو |
شو كان كاتبًا مسرحيًا، ناقدًا أدبيًا، وفيلسوفًا اجتماعيًا، حيث استخدم أعماله المسرحية كوسيلة للتعبير عن أفكاره الفلسفية والاجتماعية. سنستعرض في هذا المقال حياة برنارد شو، أعماله الأدبية وتأثيره على المسرح والفكر العالمي.
جورج برنارد شو - نظرة عامة
جورج برنارد شو (بالإنجليزية: George Bernard Shaw) هو مؤلف أيرلندي بارز وُلد في 26 يوليو 1856 وتوفي في 2 نوفمبر 1950. نشأ في دبلن وانتقل إلى لندن في سن العشرين. حقق شو نجاحه الأول في مجالات النقد الموسيقي والأدبي، لكنه سرعان ما توجه إلى المسرح، حيث ألف أكثر من ستين مسرحية على مدار مسيرته. تتميز أعماله بطابع كوميدي، لكنها تحمل في طياتها رسائل عميقة ينتقد من خلالها قضايا مجتمعية وثقافية، آملاً أن تلقى صدى لدى جمهوره.
حياة جورج برنارد شو
وُلِدَ برنارد شو في دبلن بأيرلندا لعائلة من الطبقة المتوسطة، واضطر لترك المدرسة في سن الخامسة عشرة ليعمل كموظف. كان والده مدمن كحول، مما أثر عليه بشكل عميق وجعله يبتعد عن شرب الخمر طوال حياته. كما كان نباتياً، مما ساهم في الحفاظ على صحته وطول عمره. تركت والدته المنزل وانتقلت إلى لندن مع ابنتيها، ولحق بهن شو في عام 1876، ولم يعد إلى إيرلندا لما يقارب الثلاثين عاماً.
عاش شو في شبابه حياة فقيرة وصعبة، وعندما أصبح غنياً، لم يكن في حاجة للجائزة التي تُمنح أحياناً لمن لا يستحقها. لقد كانت بداية حياته نضالاً ضد الفقر، وكرّس جهوده لمكافحة هذه الظاهرة، معتبرًا أن الفقر هو مصدر جميع الآثام مثل السرقة والإدمان والانحراف، وأنه يمثل الضعف والجهل والمرض والقمع والنفاق. يظهر ذلك بوضوح في مسرحيته الشهيرة "الرائد باربرا"، حيث يتناول قضايا الفقر والرأسمالية ونفاق الجمعيات الخيرية.
بعد وصوله إلى لندن، بدأ يتردد على المتحف البريطاني لتثقيف نفسه، مما ساهم في تشكيل فكره الأصيل واستقلاله. انطلقت مسيرته الأدبية في لندن، حيث كتب خمس روايات لم تحقق نجاحاً ملحوظاً، وهي: "عدم النضج"، و"العقدة اللاعقلانية"، و"الحب بين الفنانين"، و"مهنة كاشل بايرون"، و"الاشتراكي واللااشتراكي". ومع ذلك، اكتسب شهرة كناقد موسيقي في إحدى الصحف، ثم انخرط في النشاط السياسي وبدأ في دعم الحركة الاشتراكية، حيث انضم للجمعية الفابية، التي سعت لنشر المبادئ الاشتراكية بالوسائل السلمية.
كان جورج برنارد شو معجباً بالشاعر والكاتب المسرحي النرويجي هنريك إبسن، الذي يعتبر أحد أعظم الكتاب المسرحيين في التاريخ، حيث كان رائداً في استخدام المسرح لمعالجة القضايا الاجتماعية. كان لتأثير إبسن أثرٌ كبير على شو في بداياته.
على الرغم من تركه المدرسة مبكراً، إلا أنه استمر في القراءة وتعلّم اللاتينية واليونانية والفرنسية، وكان يشبه كشكسبير الذي غادر المدرسة في صغره لمساعدة والده. لم تمنعه هذه التجربة عن اكتساب المعرفة من خلال التعلم الذاتي، حيث اعتبر شو المدارس "سجوناً ومعتقلات". كان مناهضاً لحقوق المرأة ومنادياً بالمساواة في الدخل.
بداياته في الكتابة
بدأت مسيرة جورج برنارد شو الأدبية في لندن، حيث أبدع خمس روايات لم تحقق نجاحاً ملحوظاً، وهي: «عدم النضج»، و«العقدة اللاعقلانية»، و«الحب بين الفنانين»، و«مهنة كاشل بايرون»، و«الاشتراكي واللااشتراكي»، ومع ذلك، اكتسب شهرة واسعة كناقد موسيقي في إحدى الصحف.
العمل السياسي
انخرط شو في العمل السياسي وشارك بنشاط في الحركة الاشتراكية، حيث انضم إلى الجمعية الفابية، التي كانت تهدف إلى نشر المبادئ الاشتراكية بوسائل سلمية. كان معجباً بالشاعر والكاتب المسرحي النرويجي هنريك إبسن، الذي يُعتبر من أعظم الكتاب المسرحيين في التاريخ، حيث أثر عليه بشكل واضح في بداياته.
على الرغم من تركه المدرسة في سن مبكرة، إلا أنه استمر في القراءة وتعلم اللاتينية واليونانية والفرنسية، مستلهماً مثال الكاتب الشهير وليام شكسبير، الذي ترك المدرسة أيضاً في طفولته لمساعدة والده. حيث كان شو يرى أن المدارس ما هي إلا «سجون ومعتقلات»، معارضاً لحقوق المرأة ومنادياً بالمساواة في الدخل.
سيدتي الجميلة - أشهر أعمال جورج برنارد شو
مسرحية "سيدتي الجميلة" (Pygmalion) هي واحدة من أشهر أعمال الكاتب المسرحي الأيرلندي جورج برنارد شو، وقد كُتبت عام 1912، تدور القصة حول أستاذ الفونيات هنري هيجنز الذي يقوم بتعليم فتاة فقيرة تدعى إليزا دوليتل كيفية التحدث باللغة الإنجليزية بطريقة أرستقراطية، في محاولة لتحويلها إلى سيدة من الطبقة العليا، المسرحية تستكشف قضايا تتعلق بالطبقية الاجتماعية، واللغة، والهوية.
من خلال هذه المسرحية، يعرض شو نقدًا للمجتمع البريطاني، مسلطًا الضوء على الفوارق الاجتماعية والتأثير الكبير الذي تلعبه اللغة في تحديد الطبقات والمكانة. تُعد المسرحية أيضًا تأملًا في طبيعة العلاقات الإنسانية والقدرة على التغيير.
نجحت المسرحية لاحقًا في تحويلها إلى فيلم ومسرحية موسيقية شهيرة بعنوان "My Fair Lady"، مما أضاف إلى شهرتها وانتشارها على مستوى العالم.
أعمال جورج برنارد شو
استمر جورج برنارد شو في الكتابة للمسرح لمدة ست وأربعين سنة، حيث ألف أكثر من خمسين مسرحية، وأخرج العديد منها في عواصم بلدان أوروبا وأمريكا، كما ترجم حازم قاسم حسن أعماله كاملة إلى اللغة العربية، وصدرت في شكل أجزاء.
1. بيوت الأرامل (Widowers' Houses): تدور حول قضايا الطبقات الاجتماعية والفقر، حيث يستعرض شو تفاعلات الأثرياء والفقراء في سياق عائلة تعيش في منزل مؤجر من قبل أرملة، مما يثير تساؤلات حول الأخلاق والعدالة الاجتماعية.
2. مسرحية السلاح والرجل (Arms and the Man): تتناول هذه المسرحية مفهوم الحرب والرومانسية، حيث يسلط شو الضوء على تناقضات الشجاعة والأفكار الرومانسية المتعلقة بالبطولة في زمن الحرب.
3. مسرحية جان أوف أرك (Joan of Arc): تستند إلى قصة حياة القديسة جان أوف أرك، وتستكشف مسألة الإيمان والشجاعة في مواجهة التحديات، مما يبرز القوة الروحية والمبادئ الأخلاقية.
4. مسرحية الإنسان والسوبرمان (Man and Superman): تتناول موضوعات الفلسفة والتطور الاجتماعي، حيث يناقش شو فكرة "السوبرمان" والتحديات التي تواجهها الشخصيات في سعيها نحو تحقيق ذاتها.
5. مسرحية سيدتي الجميلة (Pygmalion): تتناول قصة تحول فتاة من طبقة فقيرة إلى سيدة راقية بفضل التعلم والتغيير في لهجتها. تُبرز المسرحية مواضيع الهوية الاجتماعية والتغيير الشخصي.
6. كانديدا (Candida): تتحدث عن العلاقات العاطفية والتوترات بين شخصيات المسرحية، حيث تستعرض قصة زوجة متزوجة واثنين من الرجال يعبران عن مشاعرهم تجاهها، مما يدفعها إلى اتخاذ قرار مصيري.
7. الرائد باربرا (Major Barbara): تتناول صراع القيم والأخلاق، حيث تبرز التوتر بين العمل الخيري والصناعات الحربية، متسائلة عن مدى تأثير المال على المبادئ الإنسانية.
8. بيت القلب الكسير (Heartbreak House): تدور أحداثها في منزل يجتمع فيه عدد من الشخصيات، حيث تتناول القضايا الاجتماعية والسياسية، مشددة على تأثير الزمن والتغيرات الاجتماعية على العلاقات الإنسانية.
الفلسفة الاجتماعية والنقد
لم يكن جورج برنارد شو مجرد كاتب مسرحي، بل كان فيلسوفًا اجتماعيًا ناشطًا، آمن بفكرة الإصلاح الاجتماعي وكان من أوائل الداعمين للاشتراكية، استخدم شو مسرحياته لتوجيه النقد اللاذع للطبقات الحاكمة والسياسات الاقتصادية، وحث على التغيير المجتمعي، من خلال مسرحياته، حاول إيقاظ وعي الجمهور وجعلهم يفكرون في القضايا الاجتماعية الهامة.أشهر أقوال جورج برنارد شو
- ليس لنا الحق في أن نستهلك السعادة دون أن ننتجها، كما أنه ليس لنا الحق في أن نستهلك الثروة دون أن ننتجها.
- لا تقاوم ميولك، جرب كل شيء، ثم التزم الأحسن.
- ذلك الذي يقتل الملك، وذلك الذي يموت من أجله، كلاهما عابد أصنام.
- الحرية تعني المسئولية، وهذا هو علة الخوف الذي يبديه معظم الناس منها.
- احذر الرجل الذي لا يرد لطمتك؛ لأنه لن يغفرها لك، ولن تغفرها أنت له.
- الاقتصاد السياسي والاقتصاد الاجتماعي كلاهما ألعوبة ذهنية، إنما حجر الفلاسفة هو الاقتصاد الحيوي: الاقتصاد للحياة.
- من الخطر أن تكون مخلصًا ما لم تكن بليدًا.
- كل من تجاوز الأربعين يعد من الأوباش.
- قولنا: «العقل السليم في الجسم السليم» خطأ؛ لأن الجسم السليم هو ثمرة العقل السليم.
- عندما يمارس المتوحشون المسيحية تمارس المسيحية الوحشية.
- الحياة تسوي بين جميع الناس ولكن الموت يبرز المتفوقين.
- إنما يحصل الناس على الحكمة بقدرتهم على الانتفاع من اختباراتهم وليس لمحض اختباراتهم.
- الاعتدال لا يُمدح أبدًا لذاته.
- لا يستطيع أثرى الأثرياء، في عالم يحفل بالقبح والتعس، أن يشتري بثرائه سوى القبح والتعس.
- كلما امتلك الإنسان أكثر مما يستعمل زادت همومه.
- أعظم الآلام هو ما ينشأ من إطالة اللذة الحادة.
- الجنون هو أن ننشد السعادة والجمال.
- ذلك الذي يرغب في أن يحيى طيلة عمره حياة السعادة من امرأة جميلة يشبه ذلك الذي يرغب في الاستمتاع بلذة النبيذ باستبقاء فمه مليئًا به.
- في الشعب الأحمق يعد العبقري إلهًا، الجميع يعبدونه ولا أحد يعمل بإرادته، لو أن العظيم استطاع أن يجعلنا نفهمه الفهم الصادق لقتلناه.
- الرذيلة هي التبذير في الحياة.
- حب الاقتصاد هو الأساس لجميع الفضائل.
- ليست الفضيلة أن نكف أنفسنا عن الرذيلة إنما هي ألا نشتهيها.
- إن ما يؤمن به الإنسان ليس مذهبه الذي يفصح عنه، إنما هي مبادئه التي تحمله على السلوك والعمل.
- السيد والخادم كلاهما ظالم، ولكن السيد يحتاج إلى الخادم أكثر مما يحتاج الخادم إلى السيد.
- إذا عاملنا الخادم كما لو كان إنسانًا لما وجدنا منه أية فائدة.
- أكثر الناس قلقًا في السجن هو السجان.
- ما دامت عندنا سجون فليس من المهم أن نعرف من هم المسجونون.
- السجن كالشنق لا يمكن أن نعالجه بعد وقوعه.
- القتل بالمشنقة هو أسوأ أنواع القتل، لأنه يتم بموافقة المجتمع.
- عندما يقتل الإنسان نمرًا فإنه يصف عمله بأنه صيد ورياضة، وعندما يقتل النمر إنسانًا فإننا نسميه حيوانية ووحشية، وليس الفرق بين الجريمة والقضاء أكبر من هذا.
- أسوأ المربين هم الذين يحاولون أن يصوغوا أخلاق الصبي في قالب.
- لا يمكن أي إنسان أن يتخصص تمامًا في علم ما دون أن يكون أبله.
- الغاية الأساسية من الزواج هي التناسل كما قال الكتاب المقدس.
- أعظم المخترعات في القرن التاسع عشر هو منع التناسل الذي يتيح الاتصال الجنسي ولكن بلا إخصاب.
- الأمل هو نوع من المسئولية الأخلاقية.
- إن خلف مسرحياتي علمًا اجتماعيًّا مدروسًا.
- الفنان الصادق يؤثِر أن يترك زوجته جائعة، وأبناءه حفاة، وأمة تكد لتحصل على لقمتها وهي في السبعين، على أن يترك فنه كي يعمل عملًا آخر.
- إني أفهم على الدوام من معنى الاشتراكية أنها إصلاحات اقتصادية معينة أرغب في أن تنفذ، وليست مبدأ من المبادئ.
- لقد أصبح التطور دينًا، بل هو الآن دين القرن العشرين الذي نشأ من رماد الأديان والمذاهب الماضية، ولكنه لن يصير دين السواد من الأمة حتى تؤلف له أساطيره ومعجزاته وأمثولاته، ولا أعني بقولي «دين سواد» أن يفهمه سكان القرى فقط، بل أعني أن يفهمه الوزراء أيضًا، وليس من العقل أن ننتظر النور والإرشاد من الذين يُعَدُّونَ الآن من محترفي السياسة ورجال الحكومات؛ لأنهم ليسوا فلاسفة ولا أنبياء، إذ لو كانوا كذلك لكان همهم أن يفلسفوا ويتنبأوا بدلًا من أن يضيعوا وقتهم في ممارسة الحكم.
- لما رأى الكاتب العظيم أميل زولا مبلغ العقم الذي أصاب التناسل في بلاده، وأزعجه ذلك، عمد إلى قلمه فألف كتابًا فصيح العبارة قوي الحجة في الدفاع عن مقام الأبوة والأمومة باسم «الخصوبة»، ولكن كتابه هذا اعتبر في إنجلترا غير لائق للترجمة وأن كل محاولة يُرَادُ منها شرح العلاقات بين الجنسين إلا من الناحية الغرامية الشهوانية يجب أن تقاوم.
- هذا الحياء الذي تبديه الصحف لا يختلف من الحياء الذي يبدو من السامرين حول مائدة العشاء، وهو في حقيقته ليس شيئًا سوى نقص في التربية وصعوبة في التعبير، فنحن لا ننشأ على أن نفكر تفكيرًا نظيفًا طاهرًا عن هذه الموضوعات، وينتج من ذلك أننا نستعمل لغة فاسدة في التعبير عنها، ثم ننتهي إلى أن نصرح بأنه لا يجوز لنا أن نناقش هذه الموضوعات مناقشة علنية؛ وذلك لأن الألفاظ التي نستعملها في المناقشة لا تليق للاستعمال، على أن الأطباء الذين يستعملون الألفاظ الخاصة بحدود العلم لا يجدون هذه الصعوبة، وكذلك الحال في أساتذة اللغة الذين يحسنون التفكير، مثل أميل زولا في قصة «الخصوبة» أو تولستوي في قصة «البعث»، فإنهم يمكنهم أن يكتبوا دون أن يسيئوا أقل إساءة إلى القراء الذين يفكرون مثلهم تفكيرًا نظيفًا طاهرًا.
- هذا المخلوق الذي يُسَمَّى إنسانًا والذي يعد في صميم عظامه جبانًا، عندما يعالج مصالحه الشخصية، يستحيل إلى بطل عندما يجد فكرة … وإذا أنت أوضحت له أنه سيؤدِّي عملًا يزعم أنه قد كلفه الله إياه، وأنه سيكون لهذا العمل أسماء جديدة عديدة، فإنه عندئذ يخاطر بكل ما يملك ولا يبالي ما سوف تكون النتائج في شخصه.
- إني أمقت مذهب الفداء إيمانًا بأن كرام الناس من الرجال والنساء يأبون أن يكفِّر أحد عن خطاياهم بأن يعاني هو موتًا قاسيًا.
- بأي حق تجيز الأم لنفسها أن تدخن وهي تعنى بتربية طفلها، مع أنها تُمنع من التدخين حين تبيع التفاح أو المناديل، أو حين تجمع أثمان التذاكر في الأتوبوس؟ أليس من حقنا أن نترك عربة التدخين في القطار ونحن مشمئزين دون أن نذكر أمهاتنا؟
- إني أجد حضارتنا سائرة إلى الدمار لإسرافها في حرية الفرد الذي نجيز له أن يكون كسولًا أو متلافًا، أو أن يجمع الثروة الضخمة بالاستغلال المهين للعمال، أو بتجويعهم، أو بحملهم على أن يبيعوا أعراضهم، أو على أن يرتكبوا الجرائم أو يفشوا الأمراض بين مواطنيهم، أو أن يكون أحدهم لصًّا يغش الأرامل واليتامى أو غيرهم من الآمنين بأن يحصل على مدخرهم فيبذره.
- العبقري ليس هو الرجل الذي يعرف أكثر من غيره أو يعمل أكثر من سائر الناس، ولم يحدث قَطُّ أن عاش عبقري ولم يتفوق عليه في هذين الشأنين عدد كبير من المغفلين الذين لا يُرجى منهم خير، إنما العبقري هو ذلك الذي يرى أهمية الأشياء ويميز بينها، ولولا ذلك لكان أي معلم خيرًا من المسيح نفسه.
- لو أن مؤلف هذا الكتاب (أحد كتب شو نفسه) كان يشرب الخمر أو أي مخدر آخر لكان في الأغلب أروح لك، ولكنه كان يكون عندئذ أقل كثيرًا في قيمته الذهنية ومحاسبته الوجدانية؛ ولذلك كان يكون أكبر خطرًا على ذهنك.
- أيما تغيير يلغي الفقر ويزيد الفراغ بين العمال سوف يلغي أيضًا الحاجة إلى المخدرات والخمور التي تبعث في النفس إحساسًا كاذبًا بالسعادة.
- إن القاعدة التي يقول بها الطبيعيون: «الطبيعة تكره الخواء» تنطبق أيضًا على رأس الإنسان؛ إذ ليس هناك رأس فارغ … فإذا أنت تركت زاوية صغيرة فارغة في رأسك لحظة واحدة فإن آراء الناس غيرك ستندفع إلى ملئها … من الإعلانات والجرائد، والكتب، والقيل والقال، والخطب السياسية، والقصص والدرامات … فيجب أن تحرص على أن تفكر بنفسك ما استطعت.
- نموت جوعًا إذا نحن كففنا عن العمل المنتج كل يوم، وإذا وجدت إنسانًا فارغًا لا يعمل فإن هناك من يعمل لنفسه وله، وإلا لما وجد أحدهما طعامه. ولذلك قال بطرس الرسول: «إذا لم يعمل الإنسان وينتج فإنه لن يجد ما يأكل.»
- عقولنا هي عقول الجماعة، ومهما حاولنا الاستقلال في تفكيرنا فإننا مع ذلك لن نستطيع التخلص من التفكير الجماعي، وقصارى ما نستطيعه هو قشرة صغيرة من الاستقلال الفكري، بل إني لأقول إنك حين اشتريت كتابي هذا إنما فعلت ذلك كي أفكر أنا لك، ولكن الواقع أني لن أستطيع ذلك أكثر مما أستطيع أن أتناول لك عشاءك، وقصارى ما أفعل أني أطبخ لك عشاءك الذهني بأن أقدم لك مقدار ما فكرتُ وفكر غيري في الموضوع الذي تفكر أنت فيه؛ وذلك اقتصادًا لك في المجهود.
- ما منفعة النقود؟ إنها تمكننا من أن نحصل على ما نريد بدلًا من أن نحصل على ما يظنه غيرنا نريده، وعندما تتزوج إحدى الفتيات يتقدم إليها أصدقاؤها بالهدايا بدلًا من أن يقدموا لها نقودًا، ونتيجة ذلك أنها تجد نفسها مثقلة بأدوات المائدة المكررة، أو بنحو ثماني ساعات، ولا تجد جوربًا واحدًا من الحرير، ولو أن أصدقاءها كانوا على تعقُّل وقدموا لها النقود بدلًا من الهدايا — كما أفعل أنا — ولو أنها هي أيضًا كانت على تعقل وقبلت النقود (وهي تقبلها على الدوام) لاقتصدت.
- يمكننا تعليم الصبيان الجهل؛ إذ من السهل أن نكتب على ورقة بيضاء ما نشاء، ولكن أوراق المدارس التي يكتب عليها التلاميذ ليست بيضاء إذ هي تحفل بأبيات الشعر اللاتينية السخيفة، وبالشعارات والأمثال المهجورة، وبسخافات القرون الماضية وقماماتها، وبالتاريخ الحافل بالأساطير، وأيما إنسان يحاول محو هذه الأشياء يعاقَب، وإذا لم يمكن عقابه فإنه يلعن باعتباره عدو الله والإنسان. أما روسو، وفولتير، وتوم بين، الذين حرروا الشعوب، فيعدون ملحدين أشرارًا في مدارسنا العامة، وكذلك واشنطون وكارل ماركس ولنين يعدون مجرمين طغاة.
- لا تقوم الحضارة إذا لم يكن لها قوانين ونظم واصطلاحات وقواعد، ولكن بعد أن تستقر كل هذه الأشياء يجب أن يكون هناك مجال للثورة والزندقة والشذوذ والابتداع والمخالفة؛ وإلا فإن الحضارة تتصدع وتنهار لأنها تعجز عن التكيُّف باكتشافات العلم ونمو الذهن، وعلى الحكومات أن تعاقب وتتسامح في وقت معًا، ولكن العقوبة والتسامح ليسا مبدأين؛ إذ على الحكومة أن تعرف متى تعاقب ومتى تتسامح وفق الظروف الجديدة.
- جميع أولئك الذين يحققون امتيازًا في الحياة، يبدأون حياتهم ثوريين، والمتفوقون فيهم يزدادون ثورة كلما تقدَّموا في السن، وإن كان الوهم السائد عنهم أنهم يعودون محافظين، وعلة هذا الوهم أنهم يفقدون إيمانهم بالطرق المألوفة في الإصلاح.
الجوائز والتقدير
حصل برنارد شو على العديد من الجوائز تكريمًا لإنجازاته الأدبية، من بينها جائزة نوبل في الأدب عام 1925، والتي رفض قبولها ماديًا لكنه قبل الشرف المرتبط بها، كما حصل على جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو مقتبس عن فيلم "بيجماليون" عام 1938.لماذا رفض جورج برنارد شو جائزة نوبل؟
رفض جورج برنارد شو جائزة نوبل في الأدب عام 1925 لأسباب مبدئية تتعلق بموقفه من الجوائز المالية والتقدير الرسمي، كان شو يرى أن الجوائز، بما في ذلك جائزة نوبل، يمكن أن تؤدي إلى تضخيم الذات وتقلل من قيمة العمل الفني بحد ذاته. كان لديه قناعة بأن الكتاب والفنانين لا يجب أن يسعوا وراء الجوائز أو المال، بل يجب أن يكون دافعهم الأساسي هو تقديم فكر مبدع يساهم في تحسين المجتمع.
وقال شو عند رفضه الجائزة «إن هذا طوق نجاة يلقى به إلى رجل وصل فعلاً إلى بر الأمان، ولم يعد عليه من خطر».
ورغم رفضه للجائزة المالية، قبل شهادة التقدير المرتبطة بجائزة نوبل، وفي النهاية وافق على قبول المال بشرط استخدامه لدعم الترجمة الأدبية للأعمال من اللغة السويدية إلى الإنجليزية، في خطوة تدل على اهتمامه بتعزيز التفاهم الثقافي.
تأثيره على المسرح الحديث
تعتبر أعمال جورج برنارد شو حجر الزاوية في تطور المسرح الحديث، فقد أضاف بعدًا فكريًا إلى المسرح، حيث أصبحت المسرحيات وسيلة لطرح الأفكار الفلسفية والاجتماعية، يمكن القول إن مسرحياته أثرت في كتّاب ومخرجين آخرين، حيث مزج بين الدراما والفكر بطريقة مميزة.الخاتمة
ترك جورج برنارد شو أثرًا لا يُمحى في الأدب والفكر العالمي، فما زالت أعماله تحظى بالتقدير والاحترام، وهي تذكرنا دائمًا بقوة الكلمة والفكر في تغيير المجتمعات.فيديو .. جورج برنارد شو الرجل الذي دافع عن عن الجميع
اقرأ أيضاً
التسميات
الأدب