فيلم البيضة والحجر - تحفة سينمائية تناقش الدجل والصراع بين العقل والموروثات

فيلم البيضة والحجر (1990) هو عمل سينمائي درامي مصري يُناقش موضوعات عميقة مثل الجهل، الدجل، التلاعب بالناس، وفقدان الأخلاق عبر استغلال القُدرة العقلية لدى الفرد المتعلم، الفيلم من إخراج علي عبد الخالق، ومن تأليف محمود أبو زيد، ومن بطولة النجم أحمد زكي، معالي زايد، وممدوح وافي. 


فيلم البيضة والحجر
فيلم البيضة والحجر 


معلومات أساسية

نوع الفيلم: دراما، تشويق وإثارة 

تاريخ العرض الأول: 26 أبريل 1990 

مدة فيلم البيضة والحجر: حوالي 100 دقيقة 

طاقم العمل 

المخرج: علي عبد الخالق. 

الكاتب: محمود أبو زيد، الذي تولّى تأليف القصة، السيناريو والحوار. 

طاقم التمثيل

  • أحمد زكي بدور "مستطاع الطعزي" 
  • معالي زايد بدور "قمر الغسالة" 
  • ممدوح وافي بدور "توالي جنيح" 
  • أحمد غانم بدور "صاحب البيت" 
  • محمود السباع بدور "سباخ الدجّال" 

ماذا لو؟

ماذا لو كان المثقف، حامل شهادة الفلسفة، عاجزًا عن مواجهة جهل المجتمع وضعفه، فاستسلم هو الآخر لإغراء الدجل ليصير صانع أوهام بدلًا من مبدّدها؟ ماذا لو كان الدجّال في النهاية انعكاسًا لاحتياجات الناس، أكثر منه اختراعًا فرديًا؟

ثيمة الفيلم

ثيمة فيلم البيضة والحجر (1990) تتمحور حول:

  • العلاقة بين المثقف والمجتمع: كيف يمكن أن يتحول العقل المتعلم إلى أداة استغلال بدلًا من الإصلاح.
  • حاجة الإنسان لليقين: حتى لو كان يقينًا زائفًا، فإنه يمنحه شعورًا بالطمأنينة.
  • المسؤولية المشتركة: الدجّال لا يولد من فراغ، بل يصنعه الناس بضعفهم ورغبتهم في تصديق الوهم.
  • أزمة الحقيقة والهوية: في عالم تنهار فيه المبادئ والأفكار يومًا بعد يوم، يختلط الصادق بالزائف، ويصبح الخداع أحيانًا أكثر رواجًا من الحقيقة.

ملخص القصة

يدور فيلم البيضة والحجر حول أستاذ فلسفة مثقف يُدعى مستطاع الطعزي يعيش ظروفًا مادية صعبة، مما يدفعه للانتقال للعيش في غرفة فوق سطح مبنى في حي شعبي.. سكان الحي يؤمنون بالسحر والشعوذة، ويعتقدون أن كل المشاكل التي تواجههم ناتجة عن أعمال خفية أو دجل. 

يحاول مستطاع في البداية استخدام العقل والمنطق لإقناعهم بأن الأسباب في معظمها مادية واجتماعية لا روحانية، لكنه يواجه رفضًا مجتمعيًا عنيفًا نظراً للتراث الفكري والموروثات الثقافية في الحي. 

مع مرور الوقت، يبدأ مستطاع باستخدام بعض الحيل النفسية والاجتماعية، بل وأحيانًا التظاهر بالدجل، ليستقطب أتباعًا، ويُصبح مشهورًا وثريًا من خلال عمله الجديد كـ"دجّال" مستفيدًا من جهل الناس وخوفهم. 

تتعقد الأحداث حين تُثار ضده تهم، يتورّط في مواقف قانونية واجتماعية، وينكشف ضميره أمام بعض الحقائق، مما يضعه أمام مفارقات أخلاقية: 

  • إلى أي مدى يمكن أن يستمر في الاستغلال؟ 
  • وهل الخروج من الدجل ممكن بعد أن يصبح جزءًا من العادة؟ 

الموضوعات الرئيسية والإشارات الاجتماعية

فيلم البيضة والحجر يُسلّط الضوء على عدد من القضايا المهمة:

1. الدجل والشعوذة؛ كيف يُستغل جهل الناس وخوفهم من المجهول. 

2. تأثير الفقر والظروف المعيشية على اختيارات الفرد، وكيف يدفع بعض المثقفين إلى الامتهان رغم ما يمتلكون من تعليم وقيم. 

3. الهوية الأخلاقية والصراع الداخلي؛ ما بين المبدأ والعقل من جهة، وبين الطمع والشهرة من جهة أخرى. 

4. الثقافة المجتمعية والموروثات؛ كيف يشكّل التراث الشعبي والعادات والمعتقدات الشعبية إطارًا فكريًا يصعب تغييره أو إقناع الناس بخلافه. 

5. القوة الإعلامية والدعاية؛ كيف يمكن استخدام الإعلام والأساليب النفسية لترويج صورة، حتى لو كانت مبنية على الكذب أو التزييف، وكيف يُغري النجاح المادي حتى من كان يناهض مبدأ المادة. 

التأثير الفني والأهمية

  • أداء أحمد زكي: يُعدّ واحدًا من أبرز الأدوار التي يجمع فيها بين الحوار الفلسفي، الأداء الدرامي القوي، وقدرة على تقديم شخصية متناقضة: المثقف، الطموح، المُربك أخلاقيًا.

  • الإخراج: علي عبد الخالق استطاع أن يعكس البيئة الشعبية، ويجعل الصراع الفكري ملموسًا بين أزقة الحي، ما بين الغرفة على السطح والدجل والتسويق، وبين العقل والمنطق.

  • الكتابة: محمود أبو زيد خلق سيناريو محكمًا يجمع بين الفلسفة، الواقع الاجتماعي، والتشويق، دون أن يبتعد عن اللغة الشعبية أو يستهين بعقل المشاهد.

  • الأثر المجتمعي: رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود، لا يزال الفيلم يُعرض ويُعاد النقاش حوله، خاصة فيما يخص الدجل والممارسات الشعبية، واستغلال الأزمات الاجتماعية للربح، ما يجعله فيلمًا ذو بعد ثقافي مهم في السينما المصرية. 

النقد والتحليل

يمكن القول إن الفيلم لا يُدين كل المعتقدات الشعبية، وإنما يُنتقد استغلال الناس لجهلهم أو لخوفهم من المستقبل، كما أن الفيلم يُطرح تساؤل أخلاقي: حتى المقبول الذي يبدأ من مبدأ ولمساعدة، هل يمكن أن يتحول إلى طمع وفساد إذا زاد النجاح؟ الفيلم يُظهر أن التوازن صعب، وأن النجاح المادي غالبًا ما يأتي بثمن.. أيضًا، يعرض الفيلم كيف أن المثقف قد يُغوى بنمط حياة مختلف، وأن رأيًا واحدًا أو فكرة واحدة يمكن أن تتغيّر عندما تُدرّ النقود والشهرة.

نقاط القوة ونقاط الضعف

نقاط القوة:

  • موضوع مبتكر ونادر أن يُعالج بهذه الشمولية (الدجل، التلاعب، الفقر، المثقفون).
  • أداء هائل من النجوم خصوصًا أحمد زكي.
  • توازن بين الجانب الفكري والاجتماعي والدرامي.
  • كتابة قوية وحوار مؤثر.

نقاط الضعف:

  • قد يشعر بعض المشاهدين أن بعض المشاهد درامية بشكل مبالغ فيه أو أن التحول من مثقف إلى دجّال سريع جدًا.
  • الفيلم يتطلب من الجمهور إبقاء ذهن منفتح لفهم فكرة أن الشخص الذي يبدأ بمبادئ قد يتغيّر تحت تأثير القوة والمال. 
  • ليس كل من يشاهد الفيلم يتقبل هذا التغير بسهولة.

مشهد فلسفي أيقوني في فيلم البيضة والحجر 

• ما هو، لو كنتَ إنسانًا جاهلًا، كنا صدّقنا إنك مُدَّعٍ ودجّال، لكن إنت إنسان مثقف ومعاك دكتوراه في العلوم الفلسفية.

= ما هو ده من خيبتي برضه.

• واضح إنك شديد التواضع يا صاحب الكرامة.

= يا محترم، أنا مش صاحب كرامة.

• استغفر الله! ده إنت اللي بتوزّع الأمل الحلو على الناس كل يوم الصبح، هو فيه حد في البلد كلها ما بيقراش "حظك هذا اليوم" المنوَّر ببصمتك في كل الجرايد!

= كله في الهجايص، صدقني.

• أصدقك وأكذّب نفسي؟! إذا كنت أنا شخصيًا ما أقدرش أتحرك من بيتي الصبح قبل ما أطمّن على حظي في الجرنان!

= تبقى غلطان.

• يا دكتور، التحريات بتقول إن كل الناس اللي اتعاملوا معاك بيأكدوا إنك صاحب كرامة وليك وزنك.

= أنا زي اللي لابس بدلة حديد، كل ما بيزيد وزنه جواها بتخنقه.

• يعني إنت مصمّم إنك دجّال؟!

= كل شيء أصبح مزيفًا: المبادئ، الأفكار، الناس.. حتى نظريات العلم بيفتتها الشك وتهدمها البحوث الجديدة مع كل يوم.

• بصراحة، إنت أجهدت ذهني.

= الناس في حاجة ليقين، لحقيقة واحدة تكون ثابتة.. ده اللي بيخليهم يؤمنوا بحجاب وتعويذة ودرويش أهبل يضحك عليهم.

• أفهم من كده إنك بتجهّل المجتمع وبتتهمه بالجهل؟!

= لأ، بالضعف.. الضعف ما بيفرقش بين جاهل ومتعلم، هم اللي بيخلقوا الدجّال ويصنعوه بإرادتهم، زي ما صنعوا من الحجر تمثال وعبدوه!

تحليل المشهد: هذا المشهد الفلسفي في فيلم البيضة والحجر يكشف جوهر العمل ككل، إذ يوضح ما يلي:

  • يطرح صراعًا بين المعرفة والعقل من جهة، واليقين الزائف والدجل من جهة أخرى.
  • يبيّن أن المشكلة ليست في جهل الناس بل في ضعفهم وحاجتهم ليقين، وهو ما يدفعهم لصناعة الدجّال بأنفسهم.
  • يظهر تناقض البطل؛ مثقف يحمل دكتوراه لكنه يستسلم لإغراء السلطة والمال، فيصبح بين المثقف والمدّعي.
  • اللغة تجمع بين الفلسفة الشعبية والبلاغة الفكرية، لتُبرز أن الأزمة تمسّ جميع الطبقات.
  • الحوار في المشهد هو مرآة لمجتمع يخلق أوهامه ثم يعبدها.

المشهد يعمل كمرآة تكشف تناقضات مجتمع كامل؛ مثقفون قابلون للسقوط، جماهير تطلب يقينًا بأي ثمن، وإعلام يسهل تداول الأوهام. هو دعوة فلسفية لقراءة ليس فقط من يدّعي، بل من يصنع ظروف هذا الادعاء، فالسؤال الأساسي هنا ليس «هل هو دجّال؟» بقدر ما هو «لماذا يحتاج المجتمع إلى دجّال؟»

ختامًا؛ فيلم البيضة والحجر هو عمل سينمائي مصري مهم ليس فقط من الناحية الترفيهية، بل لأنه يُقدم نقدًا اجتماعيًا عميقًا، ويُحاول أن يقرب بين العقل والعاطفة، بين الواقع والمعتقد، ويُحذّر من الخطر الذي ينتج عن استغلال الجهل والتلاعب النفسي، هذا الفيلم هو تذكير بأن المثقفين أيضاً معرضون للسقوط في الفخ إذا غاب الإيمان بالمبدأ، وأن المال والشهرة قد يُغيّران القناعات.

فيديو .. شاهد فيلم البيضة والحجر 


اقرأ أيضاً:

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال