عندما نتحدث عن كتابة السيناريو، قد يذهب ذهن الكثيرين إلى الأحداث والحبكة والتشويق، لكن الحقيقة أن بناء الشخصيات في السيناريو هو القلب النابض لأي عمل سينمائي أو درامي، فالمُشاهد لا يتابع الأحداث لذاتها بقدر ما يتابع الشخصيات التي تمر بها؛ يتعاطف معها أو ينفر منها، يعيش آلامها وآمالها، ويستمد من خلالها معنى القصة، والأحداث هي ما يحدث، لكن الشخصيات هي السبب الذي يجعلنا نهتم بما يحدث.. إذن، كيف يمكن للكاتب أن يخلق شخصية حقيقية، مقنعة، ولا تُنسى؟
كيف تُخلق شخصية حقيقية ومقنعة؟ (البعد الثلاثي للشخصية)
الشخصية الناجحة سينمائيًا لا تُبنى بالصدفة، بل تُصاغ بعناية ودقة عبر ما يُعرف بـ "الأبعاد الثلاثة للشخصية"، هذه الأبعاد هي التي تمنحها العمق والواقعية.
1. البعد الأول: البعد الجسدي والاجتماعي (الواقعية)
هذا هو البعد الخارجي الذي نراه ونسمعه. هو يجيب عن سؤال: من هي هذه الشخصية في العالم؟
➤ يشمل:
- المظهر الخارجي: العمر، الطول، الوزن، طريقة المشي، أسلوب الملابس.
- الخلفية الاجتماعية: الطبقة، التعليم، المهنة، السكن.
- الصحة: أمراض مزمنة، عرج، نظارة.
- الصوت واللهجة: طبقة الصوت، النبرة، اللهجة.
📌 مثال:
شخصية "الجوكر" في فيلم Joker (2019):
"آرثر فليك" رجل نحيل يعاني من حالة عصبية تجعله يضحك لا إراديًا. ملابسه الرثة وصوته المتهدج وطريقة مشيته كلها انعكاس مباشر لمعاناته النفسية وتهميشه الاجتماعي.
![]() |
| فيلم جوكر |
2. البعد الثاني: البعد النفسي (العمق)
هو البعد الداخلي الذي نستشفه من الأفعال والحوار. يجيب عن سؤال: "ماذا يدور في عقل وروح الشخصية؟"
➤ يشمل:
- الرغبة مقابل الحاجة: صراع أساسي بين ما تريده الشخصية وما تحتاجه فعليًا.
- الجرح القديم: حدث مؤلم في الماضي يظل حاضرًا في قراراتها.
- التناقضات: ازدواجية الشخصية بين الخير والشر أو القوة والضعف.
📌 مثال موسع:
شخصية والتر وايت في Breaking Bad:
رغبته: تأمين مستقبل عائلته ماديًا.
حاجته: الشعور بالقوة وتعويض إحساسه بالفشل.
جرحه القديم: استبعاده من شركة "Gray Matter".
هذا التوتر بين الرغبة والحاجة هو المحرك الأساسي للعمل.
![]() |
| مسلسل breaking bad |
3. البعد الثالث: البعد الأخلاقي (التطور)
هو رحلة التغير التي تمر بها الشخصية نتيجة للأحداث (Character Arc).
➤ أنماط التطور:
- إيجابي: يتغلب البطل على ضعفه وينضج.
- سلبي: يسقط في الجانب المظلم (مثال: والتر وايت).
- ثابت: لا يتغير البطل لكن يغير العالم من حوله (مثال: كابتن أمريكا).
📌 مثال موسع:
شخصية مايكل كورليوني في The Godfather:
يبدأ شابًا مثاليًا لا يريد الانخراط في أعمال عائلته، ثم ينتهي زعيمًا قاسيًا للمافيا. رحلة سقوط مأساوي تجعل شخصيته خالدة.
![]() |
| مايكل كورليوني في فيلم The God Father |
أنواع الشخصيات في السيناريو (الأدوار الوظيفية)
1. البطل
هو المحور الأساسي للأحداث، والشخصية التي تدور حولها القصة، سواء كان خيرًا أو شريرًا، فالأهم أنه يمتلك هدفًا واضحًا يسعى لتحقيقه طوال الأحداث، هذا الهدف هو الذي يحرك القصة ويجعل المشاهد يتابع تطوراته، وتظهر قيمته من خلال الصراعات التي يواجهها.
خصائص البطل في السيناريو
- له رحلة داخلية (تغيير نفسي أو فكري) ورحلة خارجية (تحقيق الهدف).
- قد يكون محبوبًا أو مثيرًا للجدل، لكنه دائمًا أكثر الشخصيات التي يتفاعل معها الجمهور.
- غالبًا ما يقف أمامه خصم قوي يعرقل طريقه.
- ليس شرطًا أن يكون "طيبًا" أو "بطوليًا" بالمعنى التقليدي، بل قد يكون معيبًا، أنانيًا، أو حتى مجرمًا، لكنه يظل البطل لأنه مركز السرد.
أنواع البطل:
- البطل التقليدي: يجسد القيم الإيجابية، مثل الشجاعة والعدالة.
مثال: سوبرمان في سلسلة أفلام Superman.
- البطل المضاد (Anti-Hero): شخصية محورية لكنها معقدة، قد تتسم بالأنانية، القسوة، أو السلوكيات المناقضة للقيم الأخلاقية، ومع ذلك يكسب تعاطف الجمهور.
مثال: توني سوبرانو في مسلسل The Sopranos، أو والتر وايت في Breaking Bad.
- البطل التراجيدي: يقوده عيب داخلي أو خطأ قاتل إلى السقوط رغم محاولاته للنجاة.
مثال: الملك لير في مسرحية شكسبير.
- البطل الجماعي: قد لا يكون فردًا واحدًا، بل مجموعة من الشخصيات تتشارك الهدف وتدفع الأحداث.
مثال: أبطال The Avengers.
![]() |
| فيلم The Avengers |
وظيفة البطل:
- يجسد القضية المركزية للعمل.
- يمثل رحلة المشاهد داخل الأحداث.
- يخلق الصراع مع الخصوم، ومن خلاله تتكشف الرسالة الدرامية للعمل.
2. الخصم
هو القوة المعارضة للبطل، قد يكون شخصًا أو جماعة أو حتى فكرة أو ظرف، المهم أنه العائق الأكبر أمام تحقيق هدف البطل، قوة الخصم تحدد تلقائيًا قوة البطل، فكلما كان الخصم معقدًا وذكيًا، ازداد البطل أهمية وازدادت القصة جاذبية.
خصائص الخصم الجيد:
- يمتلك دوافع واضحة ومنطقية من وجهة نظره، حتى لو بدت شريرة.
- قد يشارك البطل بعض الصفات أو يتناقض معه تمامًا.
- ليس مجرد "عقبة"، بل شخصية حقيقية لها رحلة وصراع خاص.
- كلما كان معقدًا ومتعدد الأبعاد، زاد تأثيره على القصة.
أنواع الخصم:
- الخصم الشخصي: شخصية بشرية تواجه البطل مباشرة.
مثال: ثانوس في عالم Marvel، خصم قوي ومعقد بدوافع "منطقية" تخص إنقاذ الكون بطريقته الخاصة.
- الخصم غير البشري: كوارث طبيعية، وحوش، أو ظروف قاهرة.
مثال: القرش في فيلم Jaws.
- الخصم الداخلي: صراع داخلي يعيش داخل البطل نفسه (مثل الخوف، الذنب، الإدمان).
مثال: هاملت في مسرحية شكسبير، حيث يتصارع مع ذاته أكثر من خصومه الخارجيين.
وظيفة الخصم:
- يعكس نقاط ضعف البطل.
- يرفع التوتر والصراع الدرامي.
- يعطي للعمل معنى أعمق، لأنه يمثل الوجه الآخر من القضية المركزية.
3. الشخصيات المساندة
هذه الشخصيات لا تدور حولها القصة، لكنها تضيف عمقًا دراميًا وتساعد في دفع الأحداث أو إظهار جوانب من شخصية البطل.
أ) المساعد
يقف دائمًا بجوار البطل، يدعمه عاطفيًا أو عمليًا.
غالبًا ما يضيف لمسة إنسانية أو كوميدية تخفف من حدة الأحداث.
مثال: "سام" مع "فرودو" في The Lord of the Rings، حيث يمثل الصديق الوفي الذي يحافظ على إنسانية البطل.
ب) المُرشد
شخصية حكيمة تنقل خبرتها للبطل وتوجهه في لحظات الحيرة.
غالبًا ما يظهر في بداية الرحلة ليدفع البطل نحو قدره.
مثال: "أوبي وان كينوبي" مع "لوك سكاي ووكر" في Star Wars.
![]() |
| فيلم Star wars |
ج) المشكك
يتحدى قرارات البطل، ويضيف توترًا دراميًا.
- قد يخطئ أو يكون على حق، لكنه دائمًا يكسر "اليقين" ويكشف عن احتمالات جديدة.
- وجوده يعكس الجانب النقدي من القصة.
- نصائح عملية لكتابة شخصيات لا تُنسى
4. الحبيب / العاطفي
- شخصية تُظهر الجانب الإنساني والعاطفي للبطل، وتكشف ضعفه أو قوته في الحب.
- وجودها لا يقتصر على الرومانسية فقط، بل قد تكون دافعًا قويًا للبطل أو نقطة ضعفه.
مثال: "روز" مع "جاك" في فيلم Titanic.
![]() |
| فيلم Titanic |
5. الشخصية الكوميدية
- دورها الأساسي تخفيف التوتر الدرامي في لحظات الصراع.
- تضيف روحًا مرحة لكنها أحيانًا تحمل حكمة مبطنة.
مثال: "تيمون وبومبا" في The Lion King.
6. الشخصية الرمزية
- ليست شخصية مكتوبة بتفاصيل حياتية عميقة، بل رمز لفكرة أو قيمة أو جانب من جوانب المجتمع.
- قد تمثل الخير المطلق، الشر المطلق، البراءة، القدر، أو حتى الموت.
مثال: شخصية "الموت" في فيلم The Seventh Seal.
7. الشخصية المحايدة / المتفرج
- لا تدفع الأحداث بشكل مباشر، لكنها موجودة لتُبرز ما يحدث من خلال ردود أفعالها أو رؤيتها.
- أحيانًا تكون مرآة للجمهور داخل العمل.
مثال: الراوي في رواية غاتسبي العظيم، الذي يراقب الأحداث دون أن يكون بطلها.
8. الشخصيات الثانوية
- شخصيات تظهر بشكل محدود لكنها تضيف واقعية للعالم الدرامي.
- مثل الجار، الشرطي، أو العامل في المقهى.
- قد تكون أداة لربط الأحداث أو تمهيدًا لحبكة أكبر.
9. المُعطِّل
- شخصية هدفها كسر التوازن، لا تكون خصمًا مباشرًا، لكنها تُربك البطل وتفتح مسارات جديدة.
- قد يكون مخادعًا، مشاغبًا، أو غير متوقع.
مثال: الجوكر في The Dark Knight (رغم كونه خصمًا، إلا أنه يمثل أيضًا المعطِّل الفوضوي).
![]() |
| فيلم The Dark Knight |
بهذا نكون حددنا الوظائف الأساسية للشخصيات في السيناريو:
- البطل
- الخصم
- المساندون (المساعد – المرشد – المشكك)
- الحبيب
- الكوميدية
- الرمزية
- المحايدة
- الثانوية
- المعطّل
🔹 ملحوظة: كل سيناريو لا يشترط أن يحتوي على كل هذه الأدوار، لكن توزيعها بذكاء هو ما يمنح القصة تنوعًا دراميًا وعمقًا.
✍️ بناء الشخصيات في السيناريو - بناء السيرة الذاتية للشخصية
بناء الشخصيات في السيناريو يحتاج إلى أن يُمنَح حياة كاملة خلف الكواليس؛ حياة قد لا يظهر منها كل شيء على الشاشة، لكن وجودها يجعل الشخصية منسوجة بواقعية
1. اكتب سيرة ذاتية للشخصية
- الأصل والخلفية: من أين جاءت؟ ما بيئتها الاجتماعية والاقتصادية؟
- الطفولة: ما الذكريات التي شكّلتها؟ هل كانت سعيدة أم مليئة بالصدمات؟
- المخاوف: ما الشيء الذي يطاردها داخليًا؟ (خوف من الفقد، الفشل، الوحدة...)
- الطموحات: ما الذي تسعى إليه في الحياة، حتى لو لم يكن محور القصة؟
✍️ مثال: بطل عاش طفولة فقيرة قد يخاف من العودة للفقر، وهذا ينعكس على كل قراراته حتى لو لم يُذكر صراحة.
2. امنحها صوتًا فريدًا
الحوار يجب أن يعكس خلفيتها وثقافتها ومستواها التعليمي.
نفس الفكرة أو الجملة قد تُقال بطرق مختلفة حسب الشخصية:
- مثقف يقول: "المسألة نسبية."
- شاب شعبي يقول: "كل واحد وليه نظرته."
تمييز الصوت في الحوار يجعل القارئ أو المشاهد يتعرف على الشخصية حتى بدون ذكر اسمها.
3. قاعدة "أظهر، لا تُخبر"
- بدل أن تكتب "هو جبان"، اجعلنا نراه يتردد عند فتح باب مظلم.
- بدل "هي طيبة"، اجعلها تعطي طعامها لطفل جائع في مشهد عابر.
- الأفعال الصغيرة تغني عن عشرات السطور من الوصف المباشر.
4. اختبرها خارج القصة
ضع الشخصية في مواقف حياتية يومية لا علاقة لها بالحبكة:
- في مطعم: كيف تختار الطعام؟ بعصبية؟ بتردد؟ بثقة؟
- في مصعد مزدحم: هل تلتزم الصمت؟ تحاول المزاح؟ تنفجر غضبًا؟
هذه التمارين تكشف ردود أفعالها العفوية وتجعلها أكثر إنسانية.
🎯 النتيجة: حين تُبنى الشخصية بهذه الطريقة، تصبح كائنًا حيًا من لحم ودم يتنفس داخل السيناريو، له ماضي وحاضر ومستقبل، لا مجرد أداة لتحريك الأحداث.
📝 نموذج سيرة ذاتية للشخصية
الاسم: عمر عبد الرحمن
العمر: 32 سنة
المهنة: محاسب في شركة خاصة
المكان: شبرا – القاهرة
🔹 الأصل والخلفية
نشأ في أسرة متوسطة الحال، والده موظف بسيط ووالدته ربة منزل.
له أخت صغرى يعتمد عليها عاطفيًا.
نشأ في حي شعبي مما جعله قريبًا من الناس ومشاكلهم اليومية.
🔹 الطفولة
كان طفلًا هادئًا، يميل للانطواء والقراءة أكثر من اللعب.
تعرض للتنمر في المدرسة بسبب ضعفه الجسدي، مما ولّد داخله شعورًا بالنقص.
علاقته القوية بوالدته شكّلت جزءًا كبيرًا من شخصيته الحنونة.
🔹 المخاوف
يخاف من الفشل أكثر من أي شيء آخر، خصوصًا بعد أن رأى والده يُحال للمعاش دون تحقيق أحلامه.
يخشى الوحدة، لكنه في نفس الوقت يهرب من الالتزام العاطفي.
🔹 الطموحات
- أن يؤسس مشروعًا خاصًا يضمن له الاستقرار المالي.
- أن يثبت لنفسه أنه قادر على كسر صورة "الموظف الروتيني".
- داخليًا، يبحث عن معنى أعمق لحياته بعيدًا عن الأرقام والجداول.
🔹 الصوت في الحوار
- يستخدم لغة فصحى مخلوطة ببعض العبارات العامية.
- يتحدث ببطء وكأنه يزن كلماته قبل أن يقولها.
- حين يغضب، تتحول لغته من منطقية هادئة إلى انفعالية مليئة بالمثل الشعبية.
🔹 اللازمة
- يضع دائمًا يده على ياقة قميصه حين يتوتر.
- يكرر جملة: "الدنيا ماشية بالبركة يا صاحبي" في المواقف الصعبة.
- يحب ترتيب أقلامه على المكتب بزاوية واحدة قبل أن يبدأ أي عمل.
🔹 صفاته عبر الأفعال
- بدل أن نقول "هو خجول": نراه يتردد في مصافحة المدير الجديد ويخفض عينيه.
- بدل أن نقول "يحب أخته": نراه يترك آخر قطعة طعام لها دون أن يعلق.
- بدل أن نقول "مضطرب": نراه يغيّر مكان أوراقه عشر مرات قبل أن يوقع عقدًا.
🔹 اختبار خارج القصة
- في مطعم: يقلب قائمة الطعام كثيرًا قبل أن يختار، ثم يطلب نفس الطبق المعتاد.
- في مصعد مزدحم: يلتصق بالحائط بصمت، يتجنب النظر للناس، ثم يخرج بسرعة عند أول فرصة.
- في طابور طويل: يظل صامتًا لكن وجهه يتبدل غضبًا كل دقيقة.
🎯 النتيجة: عمر شخصية لها جذور وملامح إنسانية واقعية، ولازمته الصغيرة تجعلها فريدة ومميزة في ذهن القارئ والمشاهد.
أسئلة شائعة حول بناء سيرة الشخصيات في السيناريو
1. لماذا أكتب سيرة ذاتية لشخصية قد لا يظهر ماضيها في القصة؟
لأن الخلفية تمنح الشخصية عمقًا داخليًا، وتجعل تصرفاتها منطقية حتى لو لم تُذكر تفاصيل حياتها على الشاشة.
2. هل يجب أن يكون لكل شخصية لازمة (Quirk)؟
ليس بالضرورة، لكن الأفضل أن تمنح الشخصيات الرئيسية عادة أو حركة أو جملة مميزة تجعلها أكثر واقعية وتعلق في ذهن الجمهور.
3. كيف أختار صوت الشخصية في الحوار؟
الصوت ينبع من خلفيتها: بيئتها، تعليمها، مهنتها، وحتى مخاوفها. لا تتحدث شخصية مثقف بنفس أسلوب شاب شعبي، ولا شخصية طفلة بنفس أسلوب قاضٍ.
4. ما الفرق بين الوصف المباشر وصفات "Show, Don’t Tell"؟
الوصف المباشر يخبر القارئ أن الشخصية "غاضبة"، بينما الأسلوب البصري يجعلنا نراها وهي "تضرب الطاولة بيدها" أو "تصرخ فجأة"، وهذا أقوى دراميًا.
5. كيف أختبر الشخصية خارج القصة؟
ضعها في مواقف يومية (مطعم – طابور – مشاجرة صغيرة) لترى رد فعلها. هذه التمارين تكشف لك كيف ستتصرف في لحظات أعقد داخل السيناريو.
6. ماذا لو تغيرت شخصية ما أثناء الكتابة؟
هذا طبيعي جدًا. الشخصيات الحية تنمو وتتطور. السيرة الذاتية ليست قيدًا، بل خريطة أولية تساعدك على الفهم، ويمكنك تعديلها مع تطور الأحداث.
في النهاية، قد نغفل أحيانًا أن السيناريو ليس مجرد سلسلة من الأحداث المترابطة، بل هو في جوهره حكاية بشر، الشخصيات هي الجسر الذي يصل بين النص والمشاهد، هي التي تمنح القصة معناها، وتحوّل الأوراق الجامدة إلى عالم ينبض بالحياة.
إن بناء الشخصيات في السيناريو لا يتحقق بالصدفة، بل هو مزيج من الفهم العميق لأبعادها الثلاثة (الجسدي، النفسي، الأخلاقي)، ومنحها دورًا وظيفيًا واضحًا داخل القصة، إضافةً إلى رسم تفاصيلها الصغيرة مثل الصوت، اللغة، واللازمة التي تجعلها لا تُنسى.
كل شخصية تُكتب بوعي تصبح أكثر من مجرد دور؛ تصبح مرآة تعكس حقيقة ما بداخلنا، سواء كان بطولة، ضعفًا، أو صراعًا داخليًا. وهنا يكمن سر السينما والدراما: ليست في عرض الأحداث، بل في جعلنا نعيش داخل أرواح الآخرين ونرى العالم من خلال عيونهم.
🎯 الكاتب الذي يعرف كيف يبني شخصية، يعرف كيف يكتب قصة تبقى في الذاكرة طويلًا ..
🔜 في المقال الرابع من السلسلة سنتناول: "الحبكة وبناء الأحداث – من البداية إلى الذروة"، وكيفية صياغة البناء الثلاثي (بداية – وسط – نهاية) وصناعة نقاط التحول التي تُبقي المشاهد في حالة ترقّب دائم، مع إبراز الصراع كجوهر الدراما ومحركها الأساسي ..
اقرأ أيضاً:
- مراحل كتابة السيناريو
- مراحل كتابة السيناريو: من الفكرة إلى الشرارة الأولى – كيف تولد قصة الفيلم؟
- مراحل كتابة السيناريو: الموضوع والرسالة – العمود الفقري لأي سيناريو ناجح
- فن التنعيم - التلميع في السيناريو السينمائي: الدليل الشامل لصياغة نص متقن
- كيف تعلم نجيب محفوظ كتابة السيناريو؟
- كيفية كتابة مشهد قوي في السيناريو: دليل شامل لكتابة مشاهد مميزة
- فيلم طائر الليل الحزين - أولى إبداعات وحيد حامد السينمائية
- فيلم الكيت كات - مزيج سينمائي فريد من الكوميديا والدراما






