فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط (1981) من الأفلام التي لا تزال تثير الجدل بين النقاد والجمهور على حد سواء.. وبالنسبة للسيناريست المبدع وحيد حامد، فإن هذا الفيلم يمثل له تجربة فنية معقدة تحمل العديد من الدروس والعبر التي يود أن يشاركها مع الجمهور.
فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط |
في حديثه عن الفيلم، قدم وحيد حامد وجهة نظر مليئة بالتحليل والتقييم الشخصي، وتكشف عن جوانب من تجربته كمؤلف، بالإضافة إلى الظروف التي أحاطت بإنتاج الفيلم.
أبطال فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط
- عادل إمام
- مديحة كامل
- سهير البابلي
- عمر الحريري
- أحمد راتب
قصة الفيلم
فيلم "انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط"، يلعب عادل إمام دور الدكتور سليمان عبد الباسط، أستاذ متميز في كلية الحقوق، ويتمتع بسمعة طيبة وكفاءة عالية في عمله. لكن مع مرور الوقت بدأ يشعر بالملل والروتين في حياته، مما دفعه لمحاولة خيانة زوجته.
هذه المحاولة انتهت بمأساة عندما اضطر للدفاع عن نفسه في قتل شخصًا في حادث غیر متوقع. ومع شعوره بالذنب والخوف، قرر التخلص من الجثة والحفاظ على سرية ما حدث.. لكن القصة لا تتوقف عند هذا الحد، حيث شهد زغلول القرموطي الذي قام بدوره أحمد راتب الجريمة بالكامل وهدد الدكتور سليمان بكشفه للشرطة.
يبدأ القرموطي بابتزازه، مطالبًا إياه بتنفيذ مطالب عديدة كان من المستحيل عليه تلبيتها في النهاية قرر سليمان التخلص من تهديد القرموطي، ونجح في تنفيذ خطته للتخلص منه.
المرأة في النافذة
قال وحيد حامد أن فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط كان مستوحى جزئيًا من فيلم " المرأة في النافذة " (The Woman in the Window) للمخرج فريتز لانج، وهو ما تمت الإشارة إليه في السيناريو الذي قدمه للرقابة.. لكن المنتج جمال التابعي قرر حذف هذه الإشارة من على أفيشات الفيلم، مبررًا ذلك بأن ذكر اسم مخرج أجنبي قد يؤدي إلى عزوف الجمهور المصري عن الفيلم.ورغم هذا التعديل، تعرض الفيلم لانتقادات شديدة من النقاد الذين اعتقدوا أن وحيد حامد قد سرق القصة دون ذكر المصدر، وهو أمر يعترف به حامد ولكنه يوضح أن تكرار هذا الاقتباس في عمل آخر كان يتيح الفرصة لتوضيح الأمر بشكل أفضل.
الإنتاج المحدود وتأثيره على النتيجة النهائية
أحد العوامل التي أثرت بشكل كبير على جودة فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط هو فقر الإنتاج.. فقد تم تصويره في ثلاثة أسابيع فقط، وهو ما انعكس على مستوى العمل الفني بشكل عام.ورغم ذلك، يعترف وحيد حامد أنه شعر بخيبة أمل من النتيجة النهائية، إلا أنه لم ينكر وجود بعض العناصر التي تحمل قيمة درامية وفنية في الفيلم.. وقد أشار بشكل خاص إلى الدور الذي لعبه أحمد راتب، الذي قام بتقديم شخصية مفاجئة وذات أبعاد غير متوقعة.
الريف والمدينة: تيمة الصراع في أعمال وحيد حامد
تعتبر تيمة الصراع بين الريف والمدينة من العناصر المميزة في أعمال وحيد حامد، وهو ما يظهر بوضوح في شخصية سليمان عبد الباسط، الذي نشأ في الريف وانتقل إلى القاهرة بحثًا عن حياة أفضل.يرى حامد أن هذه التيمة مستوحاة من واقعه الشخصي ومن حياة معظم الناس في مصر، حيث أن معظم سكان القاهرة هم من أصول ريفية.
هذا الصدام بين القيم الريفية والمتطلبات الحضرية هو ما يخلق دراما غنية ومؤثرة، وهو ما قام حامد بتجسيده في هذا الفيلم، الذي يعكس الصراع الداخلي لشخصية سليمان في سعيه لتحقيق طموحات والده في إطار حضري لا يتناسب مع خلفيته الريفية.
العلاقة الإنسانية في الفيلم: عبثية النزوة والنهاية الحتمية
في فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط، يظهر البطل سليمان عبد الباسط وهو يمر بتجربة "نزوة" تؤدي إلى تحطيم حياته بالكامل.. في هذا السياق، يعكس وحيد حامد رؤيته العبثية عن الحياة، حيث يرى أن العديد من الأحداث الغريبة وغير المتوقعة يمكن أن تحدث بسبب تصرفات بسيطة أو نزوات.وهذا يثير تساؤلات حول طبيعة القرارات الحياتية التي يتخذها الأفراد وكيف يمكن أن تؤثر على حياتهم بشكل غير متوقع، وعليه يؤكد حامد أن الفضيحة التي يواجهها سليمان ليست ناتجة فقط عن تصرفه غير المدروس، بل أيضًا عن نظرة المجتمع الحادة والشديدة التي تحكم على الأفراد بشكل قاسي.
اختيارات الممثلين والإبداع الفني
رغم الظروف الصعبة في الإنتاج، يعترف وحيد حامد بأن هناك لحظات إبداعية في الفيلم.. أبرز تلك اللحظات تمثلت في الأداء المتميز من قبل الممثل أحمد راتب، الذي قدم شخصية معقدة ومفاجئة، حيث لم يكن يتوقع الجمهور أن يكون هذا الشخص الذي يظهر في البداية كرجل يسعى للانتقام، ليكتشف في النهاية أنه يحاول استغلال الموقف لمصلحته الشخصية.. هذه المفاجأة الدرامية أضافت عمقًا إلى العمل وزادت من تعقيد الشخصيات.الدروس المستفادة من تجربة الفيلم
يختتم وحيد حامد حديثه عن فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط بالتأكيد على أهمية الحماسة والإقبال على أي مشروع فني كما لو كان علاقة حميمية مع عمله، لا مجرد "أداء الواجب".من خلال هذه التجربة، تعلم وحيد حامد أن اختيار العمل الذي سيخوضه يجب أن يكون مدروسًا بعناية، حيث أن شغفه بالفيلم يؤثر بشكل كبير على النتيجة النهائية.. وعليه يعتبر أن الفنان يجب أن يختار أعماله بعناية تامة، فلا ينبغي أن يدخل العمل الفني إلا إذا كان متحمسًا له ومستعدًا للالتزام به من جميع النواحي.
ختامًا: فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط هو فيلم مليء بالتحديات والمفارقات التي تجسد الحياة المصرية في فترة الثمانينات، وعلى الرغم من الانتقادات التي تعرض لها، إلا أنه يظل عملًا فنيًا يحمل في طياته العديد من الدروس الإنسانية والاجتماعية التي لا تزال صالحة للنقاش حتى يومنا هذا.
فيديو.. شاهد فيلم انتخبوا الدكتور سليمان عبد الباسط
اقرأ أيضاً:
- وحيد حامد - الكاتب والمبدع والأستاذ الذي أثرى السينما المصرية
- فيلم الغول - كيف صنع وحيد حامد شخصيات خالدة في أعماله؟
- فيلم طائر الليل الحزين - أولى إبداعات وحيد حامد السينمائية
- فيلم الإرهاب والكباب - نظرة شاملة
- الإنسان يعيش مرة واحدة - تحفة سينمائية تستحق المشاهدة
- وحيد حامد - سيد القلم وأيقونة السينما المصرية
- فتوات بولاق - فيلم بين النجاح الجماهيري وخيبة أمل وحيد حامد
التسميات
فن