فيلم فتوات بولاق (1981) ثاني أفلام السيناريست وحيد حامد السينمائية، وتجربته الثانية والأخيرة مع المخرج يحيى العلمي، الذي أخرج له فيلمه الأول طائر الليل الحزين.
فيلم فتوات بولاق |
فيلم فتوات بولاق استند إلى قصة قصيرة جدًا من مجموعة حكايات حارتنا لنجيب محفوظ، وتحول إلى سيناريو بعنوان شيطان الحب الأزرق، ومع تدخل المنتج جمال التابعي، تغير العنوان إلى فتوات بولاق، ليعبر عن روح المرحلة، لكن بعيدًا عن مضمون العمل كما رآه مؤلفه.
النجاح الجماهيري وخيبة أمل المؤلف
حقق فيلم فتوات بولاق نجاحًا جماهيريًا واسعًا عند عرضه، إلا أن وحيد حامد ظل غير راضٍ عن المنتج النهائي للفيلم.. هذا الإحباط لم يكن مجرد شعور عابر، بل كان نقطة تحول في مسيرته، دفعته فيما بعد إلى وضع قواعد صارمة تحكم أعماله المستقبلية، حيث قرر ألا يتعاقد على أي عمل إلا بعد كتابة السيناريو بالكامل، والاتفاق المسبق على المنتج والمخرج، مما ساهم لاحقًا في ترسيخ مكانته كأحد أبرز كتاب السيناريو في مصر، المعروفين بتمسكهم بحقوقهم.عبثية القصة ونهايتها القاسية
ما جذب وحيد حامد في القصة الأصلية هو طابعها العبثي، الذي انعكس بوضوح على الشخصيات والنهاية.. القصة تُظهر كيف يمكن أن تتحول أفعال بسيطة إلى كوارث مروعة، حيث تنتهي بمقتل البطلة وإعدام أحد البطلين ظلمًا وجنون الآخر.بالنسبة لـ وحيد حامد، كان هذا الطابع العبثي انعكاسًا لفهمه للحياة في تلك الفترة كفكرة عبثية في حد ذاتها، وهو ما دفعه لتحويل القصة إلى سيناريو فيلم.
صراع وحيد حامد مع التحريف
عندما شاهد وحيد حامد المنتج النهائي للفيلم، أدرك حجم التغيرات التي طرأت على السيناريو، ما دفعه لإعطاء نسخة منه للناقد سامي السلاموني ليقف على الفارق بين ما كُتب وما عُرض.وأشاد السلاموني بجودة السيناريو مقارنة بالفيلم، لكنه أوضح أن دوره كناقد يقتصر على تقييم العمل النهائي.. هذا الموقف سلط الضوء على قضية حقوق المؤلف، التي أصبحت محور اهتمام حامد بعد هذه التجربة.
فيلم فتوات بولاق |
الدفاع عن حقوق المؤلف
استنادًا إلى المادة 7 من قانون حق المؤلف 354 لسنة 1954، التي تؤكد سيادة المؤلف على عمله، قرر وحيد حامد الالتزام بهذا الحق في أعماله المستقبلية.. لكنه لم يتعامل مع هذا الحق بتعنت، بل أكد على أهمية الحوار والتفاهم مع المنتج والمخرج والممثلين، بشرط أن يتم أي تعديل بالاتفاق معه.. كانت فلسفته قائمة على احترام العمل الجماعي، مع ضمان الحفاظ على جوهر النص الذي يتم الاتفاق عليه قبل بدء التنفيذ.تأثير التجربة على مسيرة حامد
تجربة فتوات بولاق لم تكن مجرد محطة في مسيرة وحيد حامد، بل كانت درسًا مهمًا شكل ملامح شخصيته المهنية.. تعلم منها أهمية السيطرة على العمل الإبداعي، وضرورة التعاون المثمر بين جميع الأطراف المعنية، مما ساهم في إرساء معايير جديدة لصناعة السينما في مصر.أفيش فيلم فتوات بولاق |
ختامًا، يبقى فتوات بولاق شهادة على صراع المبدع مع تحديات الصناعة السينمائية.. وبين نجاحه الجماهيري وإحباط مؤلفه، كما يظل الفيلم تجربة غنية ألهمت وحيد حامد في مسيرته الطويلة، وجعلته نموذجًا يُحتذى به في الدفاع عن حقوق المؤلف وكرامة النص السينمائي.
فيديو.. شاهد فيلم فتوات بولاق لـ وحيد حامد
اقرأ أيضاً:
- وحيد حامد - الكاتب والمبدع والأستاذ الذي أثرى السينما المصرية
- فيلم الغول - كيف صنع وحيد حامد شخصيات خالدة في أعماله؟
- فيلم طائر الليل الحزين - أولى إبداعات وحيد حامد السينمائية
- فيلم الإرهاب والكباب - نظرة شاملة
- الإنسان يعيش مرة واحدة - تحفة سينمائية تستحق المشاهدة
- وحيد حامد - سيد القلم وأيقونة السينما المصرية
التسميات
فن